لا يصلح لأن يكون مستندا للاستحباب الموجب للتخيير كما يدعيه المحقق المذكور، لعدم انحصار الحمل في ذلك بل يجوز أن يحمل على وجوه أخر من تقية والحمل على خصوص مكة والمدينة كما هو أحد احتمالي الشيخ أيضا، وحينئذ فكيف يجوز الخروج عن ما هو واجب عزيمة بالأخبار الصحيحة الصريحة المتفق على العمل بها بما هذا سبيله؟ ولا ريب أن الاستدلال على هذا الوجه الذي ذكرناه من ما لا تعتريه شائبة الاختلال ولا يدخله الاشكال. وبه يظهر لك ضعف ما أورده المحقق المذكور على شيخنا الشهيد (عطر الله مرقديهما) وما فيه من القصور.
ثم إن قوله في المنتقى في آخر عبارته " وإن كان خلاف المعروف بين المتأخرين " لا يخلو من نظر لايذانه بأن المتقدمين أو أكثرهم على القول بالتخيير مع أنه ليس كذلك لما تقدم من كلام المنتهى المؤذن بالاجماع على وجوب التقصير متى قصرت المدة عن عشرة أيام، ولم يذهب إلى اعتبار الخمسة أحد من المتقدمين غير ابن الجنيد حيث أنه جعلها موجبة للاتمام، والأصحاب سلفا وخلفا على التخصيص بالعشرة ولم ينقل عن أحد اعتبار الخمسة تعيينا أو تخييرا، غاية الأمر أن الشيخ في مقام الجمع بين الأخبار في كتابه جمع هنا بهذا الجمع في أحد احتماليه، وهو لا يستلزم أن يكون مذهبا له سيما مع ذكره على جهة الاحتمال وذكر غيره معه، على أنه لو اعتبرت وجوه الجمع التي يذكرها في كتابيه مذاهب له لم تنحصر مذاهبه في عد ولم تقف على حد.
وأما ما ذكره في المدارك من احتمال عود الإشارة إلى الكلام السابق فبعيد جدا كما ينادي به آخر الرواية وهو قوله: " فقلت إنا: جعلت فداك يكون أقل من خمسة.. إلى آخره " فإنه لولا معلومية حكم الاتمام بالخمسة عند السامع لما حسن هذا السؤال والمراجعة. وأما استبعاده لحمل الشيخ على مكة والمدينة فهو ناشئ عن غفلته عن الرواية الواردة بذلك كما ذكرناه، وأكثر القصور في كلامهم ناشئ عن عدم اعطاء الفحص حقه في تتبع الأدلة والاطلاع عليها فهو معذور من جهة وغير