وعن أبي بصير في الموثق (1) قال: " إذا نسي أن يقرأ في الأولى والثانية أجزأه تسبيح الركوع والسجود، وإن كانت الغداة فنسى أن يقرأ فيها فليمض في صلاته " إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على صحة الصلاة مع نسيانها.
وربما استدل على القول بالركنية بما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) (2) قال: " سألته عن الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته؟ قال لا صلاة له إلا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات " وحملها الأصحاب على ترك القراءة عمدا جمعا بينها وبين ما تقدم من الأخبار.
وعندي في المقام اشكال لم أعثر على من تنبه له ولا نبه عليه وهو أن الفرض الذي تجب إعادة الصلاة بتركه عمدا أو نسيانا هو ما ثبت وجوبه بالكتاب العزيز وأما ما ثبت وجوبه بالسنة فهو واجب لا تبطل الصلاة بتركه سهوا، وبذلك صرح الأصحاب وإليه تشير صحاح زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمات، مع أنه قد ورد في القرآن العزيز ما يدل على الأمر بالقراءة في الصلاة كقوله عز وجل " فاقرأوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة " (3) وهي ظاهرة في ما ذكرناه.
وبعض الأصحاب استدل بالآية على وجوب القراءة في الصلاة من حيث دلالة الأمر على الوجوب وأجمعوا على أنها لا تجب في غير الصلاة فتجب فيها. وبعض استدل بالتقريب المذكور على وجوب السورة حيث قالوا الأمر للوجوب وما تيسر عام فوجب قراءة كل ما تيسر لكن وجوب الزائد على مقدار الحمد والسورة منفي بالاجماع فيبقى وجوب السورة سالما عن المعارض. وفيه ما سيأتي عند ذكر المسألة إن شاء الله تعالى.