ظاهر المشهور الأول وعللوه بالمحافظة على القراءة في المرتبة العليا مهما أمكن لأن حالة الهوى أعلى من حالة القعود فتكون أولى بالقراءة لكونها أقرب إلى ما كان عليه. وقيل بالثاني لاشتراط القراءة بالطمأنينة والاستقرار فيترك القراءة إلى أن يستقر.
والشهيد قد وافق المشهور في سائر كتبه إلا أنه استشكل في الذكرى فقال: ويقرأ في انتقاله إلى ما هو أدنى لأن تلك الحال أقرب إلى ما كان عليه. ويشكل بأن الاستقرار شرط مع القدرة ولم يحصل وتنبه عليه رواية السكوني عن الصادق (عليه السلام) (1) " في المصلي يريد التقدم؟ قال يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم ثم يقرأ " وقد عمل الأصحاب بمضمون الرواية. انتهى.
وأجاب في الروض عن ذلك بأن الاستقرار شرط في القراءة مع الاختيار لا مطلقا وحصوله بعد الانتقال إلى الأدنى يوجب فوات الحالة العليا بالكلية وعلى تقدير القراءة يفوت الوصف خاصة وهو الاستقرار وفوات الوصف أولى من فوات الموصوف والصفة أو الموصف وحده، وقد تقدم الكلام على نظيره في ما لو تعارض الصلاة قائما غير مستقر وجالسا مستقرا. وأما الرواية فعلى تقدير الالتفات إليها لا حجة فيها على محل النزاع بوجه لأن الحالتين متساويتان في الاختيار بخلاف المتنازع. انتهى.
أقول: لا ريب أن المسألة خالية من النص واثبات الأحكام الشرعية بمثل هذه التعليلات قد عرفت ما فيه في غير موضع مما تقدم، إلا أنا نقول على سبيل المجاراة معهم بناء على قواعدهم أن قول شيخنا في الروض بأن الاستقرار شرط في القراءة مع الاختيار صحيح، وهو هنا كذلك أيضا فإن الاضطرار إنما تعلق هنا بالانتقال من حال القيام إلى حال القعود والشارع قد جعل القعود بمنزلة القيام، وأما بالنسبة إلى القراءة فالواجب أن يراعى فيها شرطها وهو الاستقرار والطمأنينة فينبغي أن يترك القراءة بعد الانتقال حتى يستقر جالسا. وما عللوا به الوجوب في حال الانتقال - من أن حال الهوى أعلى من حال