قال: لأن القائل قائلان إنه إما واجب فهو جزء من الصلاة - ولهذا حصروا الواجبات في ثمانية - أو غير واجب فيكون واحدا من مندوباتها، فالقول بكونه واجبا غير جزء خرق للاجماع وحينئذ لا يتم حمله المذكور للرواية. انتهى. وفيه ما قدمنا تحقيقه في غير مقام ولا سيما في مقدمات الكتاب من أن هذا الاجماع المتناقل في كلامهم والدائر على السن أقلامهم لا يعول عليه وليس بدليل شرعي يرجع إليه، على أنه لو كان ثمة اجماع لما خفي على شيخنا المذكور مع سعة باعه ووفور اطلاعه. والعجب من جمود صاحب المدارك - كما قدمنا عنه - على ذلك مع ضيق ساحته في الاجماع وكثرة الجدال منه فيه والنزاع.
وممن يظهر منه الميل إلى هذا القول أيضا الجعفي صاحب الفاخر على ما نقله عنه في الذكرى من حكمه بعدم بطلان الصلاة بتخلل الحدث مع قوله بوجوب التسليم وبه صرح الفاضل أبو الفضائل أحمد بن طاووس الحسني صاحب كتاب البشرى حيث نقل عنه أن التسليم واجب وإن حصل الخروج من الصلاة قبله بقوله " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " وإليه ذهب المحدث الكاشاني في المفاتيح والحر العاملي، وهو المختار الذي تجتمع عليه الأخبار كما عرفت في ما تقدم، وهو ظاهر صحيحة الفضلاء الثلاثة المتقدمة (1) بالتقريب الذي ذكرناه ثمة.
ويدل عليه أيضا قوله في صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) في من نسي التشهد الأول حيث قال: " يتم صلاته ثم يسلم ".
وصحيحة سليمان بن خالد في ذلك أيضا (3) حيث قال (عليه السلام): " وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلم ".
فإن العطف في الأول على اتمام الصلاة وقوله في الثاني " حتى إذا فرغ فليسلم " أوضح دليل على ذلك، والخبران - كما ترى - دالان على الوجوب من حيث الأمر فيهما بالتسليم.