وبالجملة فإن الأخبار لما دلت على الوجوب من حيث تكرار الأمر بذلك فيها مضافا إلى ما حققناه في الموضع الأول ودلت أخبار تخلل الحدث ونحوه قبل التسليم على صحة الصلاة فلا وجه للجمع بين الجميع إلا بهذا القول وتخرج الصحيحتان المذكورتان ونحوهما شاهدا على ذلك.
ويدل على ذلك أيضا الأخبار الآتية في الموضع الآتي إن شاء الله الدالة على أنه بقوله: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فقد تمت صلاته وانقطعت وأن التسليم إنما هو بعد ذلك.
نعم ربما ينقدح هنا اشكال وهو أن يقال مقتضى أخبار " تحليلها التسليم " - كما تقدم تحقيقه - وهو أن التحليل لا يحصل إلا به فهي ظاهرة في دخوله وجزئيته ومقتضى ما اخترتم هو حصول التحليل بغيره وإن وجب الاتيان به. وبهذا الوجه اعترض الفاضل المقداد على شيخنا الشهيد أيضا في ما تقدم نقله عنه مما يدل على كونه واجبا خارجا.
والجواب عنه أن الذي يقتضيه الجمع بين الأدلة في هذا المقام أن التسليم وإن كان واجبا خارجا إلا أنه لا دليل على جواز تعمد الفعل المنافي قبله، وهذا معنى كونه تحليلا بمعنى أن ما حرم في الصلاة لا يحل للمكلف الاتيان به إلا بعد التسليم، ولا ينافي ذلك ما لو سبقه الحدث أو غلبة النوم مثلا فإنه لا دليل على بطلان صلاته بذلك بل الأدلة دالة كما عرفت على الصحة. ولم أقف على من نبه على هذا الاشكال من القائلين بهذا القول، والجواب عنه هو ما ذكرنا.
قال الفاضل الخراساني في الذخيرة - بعد البحث في المسألة واختياره القول بالاستحباب كما هو المشهور بين متأخري الأصحاب - ما صورته: وهل التسليم جزء من الصلاة. أم خارج عنها؟ قال المرتضى لم أجد لأحد فيه نصا ويقوى عندي أنه من الصلاة والظاهر هو الثاني، وقد تقدمت في هذا البحث روايات كثيرة دالة عليه ويزيدها بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد، ثم ذكر صحيحة سليمان