وظاهر السيد المرتضى (قدس سره) التردد في المسألة حيث قال في الجمل:
وعلى الإمام أن يقنت في الأولى قبل الركوع وكذلك الذين خلفه، وروى أن على الإمام إذا صلاها جمعة مقصورة قنوتين: في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع. ولم ينص على واحد منهما.
وظاهر كلام ابن أبي عقيل وأبي الصلاح أن في الجمعة قنوتين وأنهما قبل الركوع في كل من الركعتين، قال ابن أبي عقيل في باب الجمعة على ما نقله عنه في المختلف:
ويقنت في الركعتين جميعا. ولم يفصل موضعه. وقال في باب القنوت: وكل القنوت قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة. والذي ينتج من هذين الكلامين مع ضم أحدهما إلى الآخر هو أن القنوت في الجمعة في الركعتين معا وأنه بعد القراءة وقبل الركوع، وعلى هذا النهج كلام أبي الصلاح حيث قال في باب الجمعة: ويقنت في الركعة الأولى والثانية.
وقال في تعداد المسنونات: وأما القنوت فموضعه بعد القراءة من الركعة وقبل الركوع.
وأن خص كلامهما في باب القنوت بقنوت ما عدا الجمعة بقي ما ذكراه في الجمعة مجملا فيمكن حمله على القول المشهور، ولعله الأقرب لما ستعرفه إن شاء الله تعالى من عدم الدليل على القنوت قبل الركوع في كل من الركعتين.
وقد تلخص مما ذكرناه أن الأقوال في المسألة خمسة: (أحدها) القول المشهور وهو القنوتان في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده. و (ثانيها) مذهب الصدوق في الفقيه وابن إدريس وهو قنوت واحد في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع و (ثالثها) مذهب الشيخ المفيد وابن الجنيد ومن تبعهما وهو قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع. و (رابعها) مذهب السيد المرتضى (قدس سره) وهو التوقف ويمكن حمل صدر كلامه على الفتوى بذلك، ولا ينافيه نسبة القول الثاني إلى الرواية بل ربما يؤكده ويؤيده كما يقع كثيرا في عبائر الأصحاب. و (خامسها) مذهب ابن أبي عقيل وأبي الصلاح بناء على الاحتمال الأول.