والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين، والقراءة فيها جهار، والغسل فيها واجب، وعلى الإمام فيها قنوتان: قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع ".
أقول: هذا الخبر عين الخبر الذي قدمنا نقله عن الفقيه في صدر المسألة.
والعجب من جملة من أصحابنا المحققين من متأخري المتأخرين حيث اضطربوا في قول الصدوق ثمة بعد نقل الخبر المذكور: " وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة " حيث ظنوا أن الخبر الذي نقله عن زرارة قد تم بقوله: " ومن كان على رأس فرسخين " وإن ما بعده من أحكام الجهر بالقراءة ووجوب الغسل ووجوب القنوتين إنما هو من كلام الصدوق خصوصا أن الصدوق قد زاد فيها ومن صلاها وحده.. " فإنه ليس في رواية الخصال كما عرفت. قال في المدارك: قال الصدوق في من لا يحضره الفقيه بعد أن أورد القنوت في الركعتين على هذا الوجه: تفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة.. إلى آخر عبارته. ثم قال وما ذكره (رحمه الله) من رواية زرارة يصلح مستندا للقول الأول لو كانت متصلة. والظاهر أن مراده لو كانت متصلة بالإمام (عليه السلام) لاحتمال أن يكون ذلك قول زرارة فتكون الرواية مقطوعة موقوفة عليه وهو ناشئ عما قلناه من حملهم تلك الأحكام على الخروج عن الرواية.
هذا ما وقفت عليه من روايات المسألة، وجملة منها - كما ترى - دالة على ما ذهب إليه الشيخ المفيد ومن تبعه، وجملة منها دالة على القول المشهور، وبذلك يظهر ما في مذهب الصدوق في الفقيه وابن إدريس من الضعف والقصور لأنهما إنما اعتمدا على الروايات المطلقة في القنوت والقول بما ذهبا إليه موجب لطرح هذه الأخبار كملا مع ما عرفت من صحتها وكثرتها وفيه من الشناعة ما لا يخفى. وأما قول ابن إدريس أنها أخبار آحاد فهو مبني على أصله الخارج عن نهج السداد، فإن الطعن في هذه الأخبار مع تكررها في الأصول المعتمدة وقول جمهور الطائفة المحقة بها موجب للطعن في تلك الأخبار التي اعتمدوا