ذلك لا ينافي ما بين فيه الحكم المذكور كهذا الخبر، ومقتضى القاعدة حمل اجمال تلك الأخبار على هذا الخبر، على أن الدلالة على ما ذهب إليه القائل بالتعيين لا ينحصر في هذ الخبر كما توهمه بل هو مدلول أخبار عديدة كما عرفت.
وأما ما نقله عن أبيه - وإن كان ظاهره تأييده وتشييده حمية لوالده - فهو في البطلان أظهر من أن يحتاج إلى بيان كما لا يخفى على ذوي الأفهام والأذهان إلا أنا نشرح ذلك بوجه يظهر منه البطلان كالعيان لكل انسان:
وذلك (أولا) أن كلامه مبني على التخيير كما هو المشهور في كلام الأصحاب وقد عرفت أن النصوص على خلافه.
و (ثانيا) أنه لا يخفى على من أحاط خبرا بالأخبار وجاس خلال تلك الديار أن المستفاد منها على وجه لا يداخله الشك والانكار أن الافتتاح والدخول في الصلاة إنما هو بتكبيرة واحدة لا بأكثر وهي التي مضى عليها الناس في صدر الاسلام برهة من الأزمان والأعوام، وما عداها فإنما يزيد استحبابا للعلل المذكورة في الأخبار وإن استصحب استحبابها في جميع الأدوار والأعصار فهي ليست من الافتتاح والتحريم حقيقة في شئ وإن سميت بذلك مجازا للمجاورة بالتقريب المتقدم، وقد تقدم لك في صدر الفصل من الروايات الظاهرة في وحدة تكبيرة الاحرام قوله في صحيحة زرارة (1) " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال يعيد " وقوله (عليه السلام) (2) في مرسلة الفقيه " الانسان لا ينسى تكبيرة الافتتاح " وقوله في صحيحة البزنطي (3) " رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح " وفي صحيحة زرارة (4) " ينسى أول تكبيرة من الافتتاح " وفي جملة من الأخبار (5) " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أوجز الناس في الصلاة كان يقول الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم " إلى غير ذلك من