عن قراءتها من غير قصد - مردود بأنه أي نهي هنا ورد بما ذكره وأي حديث دل على ما سطره؟ وغاية ما يمكن أن يقال بناء على أصولهم العديمة النوال أنه مأمور بالقصد إلى البسملة كما عرفت من كلامهم المتقدم آنفا والأمر بالشئ يستلزم النهي عن ضده الخاص.
وقد عرفت مما حققناه آنفا أنه لا دليل على هذه الدعوى إلا مجرد تخريجات لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية، ومع تسليم صحة ذلك فإن استلزام الأمر بالشئ النهي عن ضده الخاص وإن ذهب إليه جمع منهم إلا أن مذهبه (قدس سره) العدم كما صرح به في كتابه المشار إليه، وبذلك يظهر فساد ما ذكره وبنى عليه.
و (ثانيا) أن ما ذكره بناء على تقدير القراءة ناسيا - من أنه تقدم القول بأن القراءة خلالها نسيانا موجب لإعادة القراءة من رأس - غفلة عجيبة من مثله (قدس سره) فإن محل البحث هنا إنما هو الاتيان بالبسملة بعد الحمد والقراءة بتلك البسملة بغير قصد واللازم من البسملة والقراءة بغير قصد بناء على دعواه وجوب القصد هو إعادة ما قرأه بعد القصد، والذي تقدم في مسألة وجوب الموالاة إنما هو القراءة في خلال آيات الحمد والسورة وأين هذا من ذاك؟
ولم يذكر في ما تقدم حكم القراءة بين سورة الحمد والسورة التي بعدها، وغاية ما يلزم هنا هو قراءة القرآن في الصلاة وهو مما لا خلاف بينهم في جوازه ولا تعلق له بمسألة وجوب الموالاة التي هي عبارة عن أن لا يقرأ خلال الفاتحة والسورة غيرهما، وجميع ما فرعه إنما هو من فروع وجوب الموالاة ومذهب الشهيد الذي نقله إنما هو في الموالاة كما قدمنا نقله، وما نحن فيه ليس من مسألة الموالاة في شئ. وجميع ما ذكرنا ظاهر بحمد الله لا سترة عليه.
(الثالث) المستفاد من الأخبار المتقدمة أنه لا فرق في جواز العدول حيث يصح بين أن يكون دخوله في السورة المعدول عنها بقصد أو بغيره، وعلى الأول فقد يكون عدوله عنها مقصودا لذاته بأن يبدو له العدول إلى غيرها فيعدل أو لنسيانها بأن يحمله نسيانها على قصد غيرها أو غير مقصود بأن يتمادى به السهو والنسيان إلى أن يدخل في الثانية من غير قصد، وعلى الثاني لا فرق بين أن تكون السورة المعدول إليها مما سبق