- كما قدمنا الإشارة إليها من العدول عن التوحيد والجحد إلى سورتي الجمعة والمنافقين - موردها إنما هو صلاة الجمعة وليس فيها مار بما يوهم خلاف ذلك إلا قوله في الرواية السادسة " إلا أن تكون في يوم الجمعة " ويجب حمله على صلاة الجمعة كما صرحت به بقية أخبار المسألة حمل المطلق على المقيد، ويعضد ذلك الروايات الدالة على تحريم العدول عن هاتين السورتين أعني التوحيد والجحد مطلقا فيجب الاقتصار في التخصيص على مورد النصوص والمتيقن بالخصوص وهو صلاة الجمعة خاصة.
وأما ما قيل هنا في تأييد ما ذكرنا - من أن استحباب قراءة السورتين إنما ثبت بالروايات الصحيحة في صلاة الجمعة خاصة دون ما سواها وهو قرينة قوية على اختصاص العدول إليهما بها. انتهى - ففيه أنه غلط محض نشأ من الركون إلى ما ذكره في المدارك كما قدمنا نقله عنه وأوضحنا فساده بالأخبار الدالة على استحباب السورتين المذكورتين في غير صلاة الجمعة من المواضع المذكورة في الأخبار المتقدمة ثمة.
وبذلك يظهر لك ما في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) في المقام من الخروج عن جادة أخبارهم (عليهم السلام) فإنهم قد اختلفوا في مواضع العدول زيادة على صلاة الجمعة التي هي مورد الأخبار المذكورة كما عرفت، فبعض أثبت هذا الحكم في الظهر وعليه المحقق وابن إدريس والعلامة في المنتهى وقبلهم الصدوق في الفقيه كما تقدم نقل عبارته بذلك، وقال الجعفي بثبوته في صلاة الجمعة والصبح والعشاء، قال (قدس سره) على ما نقله عنه في الذكرى: وإن أخذت في سورة وبدا لك في غيرها فاقطعها ما لم تقرأ نصفها إلا قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، فإن كنت في صلاة الجمعة والصبح يومئذ والعشاء الآخرة ليلة الجمعة فاقطعها وخذ في سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون. وقال الشهيد الثاني في الروض بثبوته في الجمعة وظهرها أو ظهريها.
أقول: والظاهر أن ما ذهب إليه هؤلاء الفضلاء (قدس الله أسرارهم) قد بنوه على ما ثبت عندهم من المواضع التي يستحب فيها قراءة السورتين المذكورتين،