كما صرح به جملة من الأصحاب: منهم - شيخنا المجلسي في البحار وإن رجح القول بالكراهة تبعا للجماعة، قال: ويمكن الجمع بين الأخبار بوجهين (أحدهما) حمل أخبار المنع على الكراهة. و (ثانيهما) حمل أخبار الجواز على التقية والأول أظهر والثاني أحوط. انتهى أقول: لا أعرف لهذه الأظهرية وجها سوى متابعة المشهور بين المتأخرين لما عرفت (أولا) مما حققناه في غير مقام مما سبق من أن الجمع بين الأخبار بالكراهة والاستحباب مما لا مستند له من سنة ولا كتاب مع خروجه عن القواعد الشرعية والضوابط المرعية، لأن الحمل على ذلك مجاز لا يصار إليه إلا منع القرينة ولا قرينة هنا سوى اختلاف أخبار المسألة وهذا ليس من قرائن المجاز سيما مع ظهور محمل سواه.
و (ثانيا) أن القاعدة المنصوصة عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) في أمثال هذا المقام هو الترجيح بين الأخبار بالعرض على مذهب العامة والأخذ بخلافه، والخروج عن قواعدهم (عليهم السلام) التي قرروها وضوابطهم التي ذكروها بمجرد التشهي رد عليهم في ما ذكروه.
و (ثالثا) أن من ضوابطهم المقررة أنهم يعلمون بالمرجحات ويجعلون التأويل في طرف الخبر المرجوح، ولا ريب أن ما ذكرناه من الأخبار وإن لم يتفطنوا لها ولم ينقلوها أكثر عددا وظهور رجحانها على هذه الرواية ظاهر، فالواجب جعل التأويل في جانب هذه الرواية ووجه التأويل بالحمل على التقية ظاهر فيها كما اعترفت به، فأي أظهرية في ما ادعاه مع التأويل في ما ذكرناه؟ ما هذه إلا مجازفات نشأت من الاستعجال وعدم اعطاء النظر حقه في هذا المجال.
(الثالث) - أن ما احتج به من موثقة زرارة - مع قطع النظر عن كونه يرد الأخبار الموثقة ويرميها بالضعف ويطرحها كما لا يخفى على من عرف طريقته في الكتاب المذكور - مردود بأنه مبني على كون الكراهة في عرفهم (عليهم السلام) بهذا المعنى المصطلح وهو قد اعترف في غير موضع من شرحه وصرح بكون استعمالها في الأخبار بمعنى