يشق الاحتراز منه أشبه ما ذكرنا، فإذا ثبت أنه لا ينجس لزم أن لا يكون نجسا لأنه لو كان نجسا لنجس كسائر النجاسات.
(فصل) فإن غير الماء فحكمه حكم الطاهرات إن كان مما لا يمكن التحرز منه كالجراد يتساقط في الماء ونحوه فهو كورق الشجر المتناثر في الماء يعفى عنه، وإن كان مما يمكن التحرز منه كالذي يلقى في الماء قصدا فهو كالورق الذي يلقى في الماء، ولو تغير الماء بحيوان مذكى من غير أن يصيب نجاسة فقد نقل إسحاق بن منصور قال سئل أحمد عن شاة مذبوحة وقعت في ماء فتغير ريح الماء؟ قال لا بأس، إنما ذلك إذا كان من نجاسة، وقال عبد الله بن أحمد: قال أبي وأما السمك إذا غير الماء فأرجو أن لا يكون به بأس.
(فصل) ذكر ابن عقيل فيمن ضرب حيوانا مأكولا فوقع في ماء ثم وجده ميتا ولم يعلم هل مات بالجراحة أو بالماء فالماء على أصله في الطهارة والحيوان على أصله في الحظر إلا أن تكون الجراحة موجبة فيكون الحيوان أيضا مباحا لأن الظاهر موته بالجراح والماء طاهر الا أن يقع فيه دم.
(فصل) الحيوان ضربان ما ليست له نفس سائلة وهو نوعان ما يتولد من الطاهرات فهو طاهر حيا وميتا وهو الذي ذكرناه. الثاني: ما يتولد من النجاسات كدود الحش وصراصره فهو نجس حيا وميتا لأنه متولد من النجاسة فكان نجسا كولد الكلب والخنزير. قال أحمد في رواية المروذي صراصر الكنيف والبالوعة إذا وقع في الاناء أو الحب صب وصراصر البئر ليست بقذرة ولا تأكل العذرة (الضرب الثاني) ماله نفس سائلة وهو ثلاثة أنواع (أحدها) ما تباح ميتته وهو السمك وسائر حيوان البحر الذي لا يعيش الا في الماء فهو طاهر حيا وميتا لولا ذلك لم يبح أكله فإن غير الماء لم يمنع لأنه لا يمكن التحرز منه (النوع الثاني) مالا تباح ميتته غير الآدمي كحيوان البر المأكول وغيره كحيوان البحر الذي يعيش في البر كالضفدع والتمساح وشبههما فكل ذلك ينجس بالموت فينجس الماء القليل إذا مات فيه والكثير إذا غيره، وبهذا قال ابن المبارك والشافعي وأبو يوسف، وقال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن حسن في الضفدع إذا ماتت في الماء لا تفسده لأنها تعيش في الماء أشبهت السمك.
ولنا أنها تنجس غير الماء فتنجس الماء كحيوان البر ولأنه حيوان له نفس سائلة لا تباح ميتته فأشبه طير الماء ويفارق السمك فإن مباح ولا ينجس غير الماء (النوع الثالث) الآدمي الصحيح في المذهب انه طاهر حيا وميتا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " المؤمن لا ينجس " متفق عليه، وعن أحمد أنه سئل عن بئر وقع فيها انسان فمات قال ينزح حتى يغلبهم وهو مذهب أبي حنيفة قال ينجس