يتيمم لا غير. وإن كان الجرح في إحدى رجليه أو فيهما فعلى قول من لا يوجب الترتيب بين الوضوء والتيمم لا تجب الموالاة بينهما أيضا. وعليه التيمم وحده. ومن أوجب الترتيب فقياس قوله أن يكون في الموالاة وجهان بناء على الموالاة في الوضوء وفيها روايتان (إحداهما) تجب فتجب ههنا ويبطل الوضوء لفواتها. (والثانية) لا تجب فيكفيه التيمم وحده ويحتمل أن لا تجب الموالاة بين الوضوء والتيمم وجها واحدا لأنهما طهارتان فلم تجب الموالاة بينهما كسائر الطهارات ولان في إيجابها حرجا فينتفي بقوله سبحانه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (فصل) وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل ان يغسل عضوا عضوا كلما غسل شيئا ستره لزمه ذلك وإن لم يقدر تيمم وصلى في قول أكثر أهل العلم. وقال عطاء والحسن: يغتسل وإن مات لم يجعل الله له عذرا ومقتضى قول ابن مسعود أنه لا يتيمم فإنه قال: لو رخصنا لهم في هذا لاوشك أحدهم إذا برد عليه الماء أن يتيمم ويدعه.
ولنا قول الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) وقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وروى أبو داود وأبو بكر الخلال باسنادهما عن عمرو بن العاص قال. احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال " يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله عز وجل يقول (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما).
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا. وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز لأنه لا يقر على الخطأ ولأنه خائف على نفسه فأبيح له التيمم كالجريح والمريض وكما لو خاف على نفسه عطشا أو لصا أو سبعا في طلب الماء وإذا تيمم وصلى فهل يلزمه الإعادة؟ على روايتين (إحداهما) لا يلزمه وهو قول الثوري ومالك وأبي حنيفة وابن المنذر لحديث عمرو فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالإعادة ولو وجبت لامره بها ولأنه خائف على نفسه أشبه المريض ولأنه أتى بما أمر به فأشبه سائر من يصلي بالتيمم (والثانية) يلزمه الإعادة وهو قول أبي يوسف ومحمد لأنه عذر نادر غير متصل فلم يمنع الإعادة كنسيان الطهارة والأول أصح ويفارق نسيان الطهارة لأنه لم يأت بما أمر به وإنما ظن أنه أتى به بخلاف مسألتنا. وقال أبو الخطاب لا إعادة عليه إن كان مسافرا وإن كان حاضرا فعلى