التيمم إلا عند عدم الماء لظاهر الآية ونحوه عن الحسن في المجدور الجنب قال: لابد من الغسل، ولنا قول الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) وحديث عمرو بن العاص حين تيمم من خوف البرد، وحديث ابن عباس وجابر في الذي أصابته الشجة، ولأنه يباح له التيمم إذا خاف العطش أو خاف من سبغ فكذلك ههنا فإن الخوف لا يختلف وإنما اختلفت جهاته.
(فصل) واختلف في الخوف المبيح للتيمم فروي عن أحمد لا يبيحه الا خوف التلف وهذا أحد قولي الشافعي، وظاهر المذهب أنه يباح له التيمم إذا خاف زيادة المرض أو تباطؤ البرء أو خاف شيئا فاحشا أو ألما غير محتمل وهذا مذهب أبي حنيفة والقول الثاني للشافعي وهو الصحيح لعموم قوله تعالى (وان كنتم مرضى أو على سفر) ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شئ من ماله أو ضررا في نفسه من لص أو سبع أو لم يجد الماء الا بزيادة على ثمن مثله كثيرة فلان يجوز ههنا أولى ولان ترك القيام في الصلاة وتأخير الصيام لا ينحصر في خوف التلف وكذلك ترك الاستقبال فكذا ههنا، فأما المريض أو الجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء مثل من به الصداع والحمى الحارة أو أمكنه استعمال الماء الحار ولا ضرر عليه فيه لزمه ذلك لأن إباحة التيمم لنفي الضرر ولا ضرر عليه ههنا، وحكي عن مالك وداود إباحة التيمم للمريض مطلقا لظاهر الآية.
ولنا أنه واجد للماء لا يستضر باستعماله فلم يجزله التيمم كالصحيح والآية اشترط فيها عدم الماء فلم يتناول محل النزاع على أنه لابد فيها من اضمار الضرورة والضرورة إنما تكون عند الضرر، ومنها أن الجريح والمريض إذا أمكنه غسل بعض جسده دون بعض لزمه غسل ما أمكنه وتيمم للباقي وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: إن كان أكثر بدنه صحيحا غسله ولا تيمم عليه وإن كان أكثره جريحا تيمم ولا غسل عليه لأن الجمع بين البدل والمبدل لا يجب كالصيام والاطعام.
ولنا ما روى جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا شجة في وجهه ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا