بناصيته وعمامته وان عثمان مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة ولم يستأنف له ماء جديدا حين حكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. رواه سعيد، ولان من مسح بعض رأسه يقال مسح برأسه كما يقال مسح برأس اليتيم وقبل رأسه. وزعم بعض من ينصر ذلك أن الباء للتبعيض فكأنه قال: وامسحوا بعض رؤسكم، ولنا قول الله تعالى (وامسحوا برؤوسكم) والباء للالصاق فكأنه قال وامسحوا رؤسكم فيتناول الجميع كما قال في التيمم (وامسحوا بوجوهكم) وقولهم الباء للتبعيض غير صحيح، ولا يعرف أهل العربية ذلك، قال ابن برهان من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه. وحديث المغيرة يدل على جواز المسح على العمامة ونحن نقول به، ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما توضأ مسح رأسه كله وهذا يصلح أن يكون مبينا للمسح المأمور به وما ذكروه من اللفظ مجاز لا يعدل إليه عن الحقيقة الا بدليل.
(فصل) وإذا قلنا بجواز مسح البعض فمن أي موضع مسح أجزأه لأن الجميع رأس. الا أنه لا يجزئ مسح الاذنين عن الرأس لأنهما تبع فلا يجتزئ عن الأصل. والظاهر عن أبي عبد الله أنه لا يجب مسحهما وإن وجب الاستيعاب لأن الرأس عند اطلاق لفظه إنما يتناول ما عليه الشعر.
واختلف أصحابنا في قدر البعض المجزئ فقال القاضي قدر الناصية لحديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح ناصيته، وحكى أبو الخطاب وبعض أصحاب الشافعي عن أحمد أنه لا يجزي الا مسح أكثره