عبد الملك ثم قال لا جرم والله لا جعلن هذه الكلمات مثالا نصب عيني ما عشت أبدا (وصية) مشفق ناصح عند أمير صالح لما قدم عمر بن هبيرة العراق واليا أرسل إلى الحسن والشعبي فأمر لهما ببيت فكانا فيه شهرا أو نحوه ثم إن الخصي غدا عليهما ذات يوم فقال إن الأمير داخل عليكما فجاء عمر متوكئا على عصى له فسلم ثم جلس معظما لهما فقال إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يكتب إلي كتبا أعرف أن في إنفاذها الهلك فإن أطعته عصيت وإن عصيته أطعت الله فهل تريا لي في متابعتي إياه فرجا فقال الحسن للشعبي يا أبا عمر وأجب الأمير فتكلم الشعبي بكلام يريد به إبقاء وجه عنده فقال ابن هبيرة ما تقول أنت يا أبا سعيد فقال أيها الأمير قد قال الشعبي ما قد سمعت قال ما تقول أنت قال أقول يا عمرو بن هبيرة يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله تعالى فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك يا عمرو بن هبيرة إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك ولن يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله إن أطعته وعصيت الله يا عمرو بن هبيرة لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك فيغلق باب المغفرة دونك يا عمرو بن هبيرة لقد أدركت ناسا من صدر هذه الأمة كانوا عن الدنيا وهي مقبلة أشداد بارا من إقبالكم عليها وهي مدبرة يا عمرو بن هبيرة إني أخوفك مقاما خوفكه الله فقال ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيدي يا عمرو بن هبيرة إن تكن مع الله في طاعته كفاك يزيد بن عبد الملك وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله وكلك الله إليه فبكى عمرو بن هبيرة وقام بعبرته فلما كان من الغد أرسل إليهما بإذنهما وجوائز هما فأكثر جائزة الحسن وانقص جائزة الشعبي فخرج الشعبي إلى المسجد فقال أيها الناس من استطاع منكم أن يؤثر الله على خلقه فليفعل فوالذي نفسي بيده ما علم الحسن منه شيئا فجهلته ولكني أردت وجه ابن هبيرة فأقصاني الله منه قلت وكتبت إلى عز الدين كيكاوس سلطان بلاد الروم جواب كتاب كتب به إلي من أنطالية وكنت مقيما بملطية كتبت كتابي والدموع تسيل * وما لي إلى ما أرتضيه سبيل أريد أرى دين النبي محمد * يقام ودين المبطلين يزول فلم أر إلا الزور يعلو وأهله * يعزون والدين القويم ذليل فيا عز دين الله سمعا لناصح * شفيق فنصاح الملوك قليل وحاذر بتأييد الإله بطانة * تشير بأمر ما عليه دليل لينمي بيت المال والبيت ساقط * فجد وتوكل فالإله كفيل (وصية) بمراقبة الألفاظ المسموعة بلغني أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة أخذ إقطاع أمير كبير كان أقطعه إياها سليمان بن عبد الملك والوليد بن عبد الملك فلما مات عمر بن عبد العزيز وولي يزيد بن عبد الملك جاء الأمير إليه فقال له إن أخاك سليمان أمير المؤمنين والوليد أقطعاني شيئا قطعه عني أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فأريد منك أن ترده علي فقال لا أفعل قال ولم قال لأن الحق في ما فعل عمر بن عبد العزيز قال وبم ذلك قال لأن أخوي أحسنا إليك وذكرتهما وما دعوت لهما وعمر بن عبد العزيز أساء إليك وذكرته فترضيت عنه فعلمت إن عمر آثر الله على هواه فيك وأن سليمان بن عبد الملك والوليد آثرا هواهما على حق الله فوالله لا رأيته مني أبدا وهذا من أحسن ما يحكى من التفاتات ولاة الأمور (وصية) في موعظة قال سعيد بن سليمان كنت بمكة وإلى جانبي عبد الله ابن عبد العزيز العمري وقد حج هارون الرشيد فقال له إنسان يا أبا عبد الله هو ذا أمير المؤمنين يسعى وقد أخلي له المسعى قال العمري للرجل لا جزاك الله عني خيرا كلفتني أمرا كنت عنه غنيا ثم قام فتبعته فاقبل هارون الرشيد من المروة يريد الصفا فصاح به يا هارون فلما نظر إليه قال لبيك يا عمري قال ارق الصفا فلما رقيته قال ارم بطرفك إلى البيت قال هارون قد فعلت قال كم هم قال ومن يحصيهم قال فكم في الناس مثلهم قال خلق لا يحصيهم إلا الله قال اعلم أيها الرجل أن كل واحد منهم يسأل عن خاصة نفسه وأنت وحدك تسأل عنهم كلهم فانظر كيف تكون قال فبكى هارون وجلس وجعل يعطونه منديلا منديلا للدموع فقال العمري وأخرى أقولها قال قل يا عم
(٥٣٣)