أيها الناس بسيط الأمل متقدم حلول الأجل والمعاد مضمار العمل ومغتبط بما احتقب غانم ومبتئس بما فاته من العمل نادم أيها الناس إن الطمع فقر واليأس غنى والقناعة راحة والعزلة عبادة والعمل كنز والدنيا معدن والله ما يسرني ما مضى من دنياكم هذه بأهداب بردي هذا ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء وكل إلى نفاد وشيك وزوال قريب فبادروا أنتم في مهل الأنفاس وحدة الأحلاس قبل أن يؤخذ بالكظم ولا يغني الندم (وصية نبوية وتعريف) قال رسول الله ص تكون أمتي في الدنيا على ثلاثة أطباق أما الطبق الأول فلا يرغبون في جمع المال وادخاره ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره إنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة وغناهم فيها ما بلغ الآخرة فأولئك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأما الطبق الثاني فيحبون جمع المال من أطيب سبيله وصرفه في أحسن وجوهه يصلون به أرحامهم ويبرون به إخوانهم ويواسون به فقراءهم ولعض أحدهم على الرصف أسهل عليه من أن يكسب درهما من غير حله وأن يضعه في غير وجهه وأن يمنعه من حقه أو أن يكون خازنا له إلى حين موته فأولئك الذين إن نوقشوا عذبوا وإن عفي عنهم سلموا وأما الطبق الثالث فيحبون جمع المال مما حل وحرم ومنعه مما افترض أو وجب أن أنفقوه أنفقوه إسرافا وبدارا وإن أمسكوه أمسكوه بخلا واحتكارا أولئك الذين ملكت الدنيا أزمة قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم (وصية نبوية في التحذير من ضعف اليقين وما أشبه ذلك) قال رسول الله ص إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره إن الله تبارك اسمه جعل الروح والفرح في الرضي واليقين وجعل الهم والحزن في الشك والسخط إنك لم تدع شيئا تقربا إلى الله إلا أجزل لك الثواب عليه فاجعل همك وسعيك لآخرة لا ينفذ فيها ثواب المرضى عنه ولا ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه (وصية نبوية تحرض على أخلاق سنية مرضية) قال رسول الله ص ليس شئ يباعدكم من النار إلا وقد ذكرته لكم لا شئ يقربكم من الجنة إلا وقد دللتكم عليه إن روح القدس نفث في روعي إنه لن يموت عبد حتى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئا من فضل الله بمعصيته فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته ألا وإن لكل امرئ رزقا هو يأتيه لا محالة فمن رضي به بورك له فيه فوسعه ومن لم يرض به لم يبارك له فيه ولم يسعه إن الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله (وصية نبوية مفصلة) قال رسول الله ص إن الدنيا دار بلاء ومنزل قلعة وعناء قد نزعت عنها نفوس السعداء وانتزعت بالكره من أيدي الأشقياء وأسعد الناس بها أرغبهم عنها وأشقاهم بها أرغبهم فيها هي الغاشة لمن انتصحها والمغوية لمن أطاعها والخائرة لمن انقاد لها والفائز من أعرض عنها وإلها لك من هوى فيها طوبى لعبد اتقى فيها ربه وناصح نفسه وقدم توبته وآخر شهوته من قبل أن تلفظه الدنيا إلى الآخرة فيصبح في بطن موحشة غبرا مدلهمة ظلما لا يستطيع أن يزيد في حسنة ولا ينقص من سيئة ثم ينشر فيحشر إما إلى جنة يدوم نعيمها أو نار لا ينفك عذابها (وصية) نبوية في الأهبة للرحلة قال رسول الله ص شمروا فإن الأمر جد وتأهبوا فإن الرحيل قريب وتزودوا فإن السفر بعيد وخففوا أثقالكم فإن وراءكم عقبة كؤود لا يقطعها إلا المخفون أيها الناس إن بين يدي الساعة أمورا شدادا وأهوالا عظاما وزمانا صعبا تتملك فيه الظلمة وتتصدر فيه الفسقة فيضطهد الآمرون بالمعروف ويضامون الناهون عن المنكر فأعدوا لذلك الايمان وعضوا عليه بالنواجذ والجؤوا إلى العمل الصالح وأكرهوا عليه النفوس واصبروا على الضراء تفضوا إلى النعيم الدائم (وصية) نبوية وترغيب قال رسول الله ص ارغب فيما عند الله يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس إن الزاهد في الدنيا يريح قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة ليجيبن أقوام يوم القيامة لهم حسنات كأمثال الجبال فيؤمر بهم إلى النار فقيل يا نبي الله أيصلون قال كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل لكنهم كانوا إذا ألاح لهم شئ من الدنيا وثبوا عليه (وصية) نبوية تحرض على صفات سنية قال رسول الله ص أيها الناس إن هذه الدار دار التواء لا دار استواء ومنزل ترح
(٥٤٤)