يظهرون به إليهم فإذا وفي الله جزاء عملهم وانفهقت لهم الجنة بخيرها أمر الله بهم أن يصرفوا عنها إلى النار فتصرفهم الملائكة إلى النار فذلك استهزاء الله بهم كما إن هؤلاء المنافقين لما رجعوا إلى أهليهم قالوا إنما نحن مستهزءون وقال سخروا منه فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون كما كانوا في الدنيا يضحكون من المؤمنين لايمانهم وكذلك بعض المؤمنين يضحكون من أهل الله في الدنيا ولا سيما الفقهاء إذا رأوا العامة على الاستقامة يتحدثون بما أنعم الله عليهم في بواطنهم يضحكون منهم ويظهرون لهم القبول عليهم وهم في بواطنهم على خلاف ذلك فلا أقل يا أخي إذا لم يكن منهم أن تسلم لهم أحوالهم فإنك ما رأيت منهم ما ينكره دين الله ولا ما يرده العلم الصحيح النقلي والعقلي إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون هكذا والله رأيت فقهاء الزمان مع أهل الله يتغامزون عليهم ويضحكون منهم ويظهرون القبول عليهم وهم على غير ذلك فاحذر من هذه الصفة ومن صحبة من هذه صفته لئلا يسرقك الطبع فما أعظم حسرتهم يوم القيامة فهم الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة والحياة الدنيا بالآخرة فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين (وصية) واحذر يا أخي أن تكون من شرار الناس فيتقي الناس لسانك فإن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم وأنت أعرف بنفسك في ذلك أقبل رجل على رسول الله ص فقال رسول الله ص فيه قبل أن يصل إليه وقد رآه مقبلا بئس ابن العشيرة فلما وصل إليه بش في وجهه وضحك له فلما انصرف قالت له عائشة يا رسول الله قلت فيه ما قلت ثم بششت في وجهه فقال يا عائشة إن من شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره فاحذر أن تكون ممن هذه صفتهم فتكون من شر الناس بشهادة رسول الله ص وإن كانت لك زوجة فإياك إذا أفضيت إليها وكان بينك وبينها ما كان إن تنشر سرها فإن ذلك من الكبائر عند الله فإنه ثبت عن رسول الله ص أن من شر الناس عند الله يوم القيامة الذي يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها فذلك من الكبائر وإياك أن تسب أبا أحد أو أمه فيسب أباك وأمك فإن ذلك من العقوق وكذلك إذا جالست مشركا فلا تسب من اتخذه إلها مع الله وإذا جالست من تعرف أنه يقع في الصحابة من الروافض فلا تتعرض ولا تعرض بذكر أحد من الصحابة التي تعلم أن جليسك يقع فيهم بشئ من الثناء عليهم فإن لجاجه بجعله يقع فيهم فتكون أنت قد عرضتهم بذكرك إياهم للوقوع فيهم يقول الله ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ونهى رسول الله ص عن شتم الرجل والديه فقيل له يا رسول الله وكيف يشتم الرجل والديه فقال ص يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه وإن من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق هذا هو الثابت عن رسول الله ص وعليك بشهود العتمة والصبح في جماعة فإنه من شهد العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليله ومن شهد الصبح في جماعة فكأنما قام ليله وعليك بالشفقة على عباد الله مطلقا بل على كل حيوان فإنه في كل ذي كبد رطبة أجر عند الله تعالى (وصية) احذر أن ترجح نظرك على علم الله في خلقه بمن قدمه من الولاة في النظر في أمور المسلمين وإن جاروا فإن لله فيهم سرا لا تعرفه وإن ما يدفع الله بهم من الشرور ويحصل بهم من المصالح أكثر من جورهم إن جاروا وهذا كثير ما يقع فيه الناس يرجحون نظرهم على ما فعل الله في خلقه ويأتيهم الشيطان فيعلق تسفيههم بالذين ولوه ويحول بينهم وبين الصحيح من كون الله ولاهم وينسيهم أمر النبي ص أن لا تخرج يدا من طاعة وأن لا تنازع الأمر أهله فيدخل عليهم الشيطان من التأويل في هذه الأحاديث وأمثالها بما يخرجهم بذلك من الإسلام وينسيهم قوله ص فإن جاروا فلكم وعليهم وإن عدلوا فلكم ولهم وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن لو لم يكن في هذه المسألة إلا اعتراض الملائكة على الله تعالى في خلافة آدم ع لكان كافيا وقد جعل رسول الله ص من تمام الزكاة أن ينقلب المصدق وهو العامل الذي على الزكاة راضيا عنك وإن ظلمك وهذا باب قد أغفله الناس وقد أغلقوه على أنفسهم فما يرى أحد إلا وله في ذلك نصيب ولا يعلم ما فيه عند الله وقد رأينا على ذلك براهين من الله كثيرة ومتى ذممت ولا بد فذم الصفة بذم الله ولا تذم الموصوف بها إن نصحت نفسك ومتى حمدت فاحمد الصفة والموصوف معا فإن الله يحمدك على ذلك (وصية)
(٤٨٤)