لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت عن شئ أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته فانظر إلى ما تنتجه محبة الله فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض وفي النفل عينه فروض ونوافل فبما فيه من الفروض تكمل الفرائض ورد في الصحيح أنه يقول تعالى انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال الله أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم وليست النوافل إلا ما لها أصل في الفرائض وما لا أصل له في فرض فذلك إنشاء عيادة مستقلة يسميها علماء الرسوم بدعة قال الله تعالى ورهبانية ابتدعوها وسماها رسول الله ص سنة حسنة والذي سنها له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ولما لم يكن في قوة النفل أن يسد مسد الفرض جعل في نفس النفل فروضا لتجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النافلة بحكم الأصل ثم إنها تشتمل على فرائض من ذكر وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة وهذه الأقوال والأفعال فرائض فيها (وصية) وعليك بمراعاة أقوالك كما تراعي أعمالك فإن أقوالك من جملة عملك ولهذا قال بعض العلماء من عد كلامه من عمله قل كلامه واعلم أن الله راعي أقوال عباده وأن الله عند لسان كل قائل فما نهاك الله عنه إن تتلفظ به فلا تتلفظ به وإن لم تعتقده فإن الله سائلك عنه روينا أن الملك لا يكتب على العبد ما يعمله حتى يتكلم به قال تعالى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد يريد الملك الذي يحصي عليك أقوالك يقول تعالى إن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون وأقوالك من أفعالك انظر في قوله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات فنهاك عن القول فإنه كذب الله من قال مثل هذا القول فإن الله قال فيهم إنهم أحياء ألا ترى إلى قوله تعالى حيث يقول ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم وقال لا يحب الله الجهر بالسوء من القول وقال لا خير في كثير من نجواهم وهو القول فإذا تكلمت فتكلم بميزان ما شرع الله لك أن تتكلم به وكان رسول الله ص يمزح ولا يقول إلا حقا فعليك بقول الحق الذي يرضى الله فما كل حق يقال يرضى الله فإن النميمة حق والغيبة حق وهي لا ترضي الله وقد نهيت أن تغتاب وإن تنم بأحد ومن مراعاة الله الأقوال ما رويناه في صحيح مسلم عن الله تعالى لما مطرت السماء قال عز وجل أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب فراعى أقوال القائلين وكان أبو هريرة يقول إذا مطرت السماء مطرنا بنوء الفتح ثم يتلو ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ولو كنت تعتقد أن الله هو الذي وضع الأسباب ونصبها وأجرى العادة عندنا بأنه يفعل الأشياء عندها لا بها ومع هذا كله لا تقل ما نهاك الله عنه أن تقوله وتتلفظ به فإنه كما نهاك عن أمور نهاك عن القول وإن كان حقا وانظر ما أحكم قول الله عز وجل في قوله مؤمن بي كافر بالكوكب وكافر بي مؤمن بالكوكب فإنه مهما قال بفضل الله فقد ستر الكوكب حيث لم ينطق باسمه ومن قال بالكوكب فقد ستر الله وإن اعتقد أنه الفاعل منزل المطر ولكن لم يتلفظ باسمه فجاء تعالى بلفظ الكفر الذي هو الستر فإياك والاستمطار بالأنواء أن تتلفظ به فأحرى إن تعتقده فإن اعتقادك إن كنت مؤمنا أن الله نصبها أدلة عادية وكل دليل عادي يجوز خرق العادة فيه فاحذر من غوائل العادات ولا تصرفنك عن حدود الله التي حد لك فلا تتعداها فإن الله ما حدها حتى راعاها وذلك في كل شئ ورد في الخبر الصحيح أن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوي بها في النار سبعين خريفا وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيرفع بها في عليين فلا تنطق إلا بما يرضى الله لا بما يسخط الله عليك وذلك لا يتمكن لك إلا بمعرفة ما حده لك في نطقك وهذا باب أغفله الناس قال رسول الله ص وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم وقال الحكيم لا شئ أحق بسجن من لسان وقد جعله الله خلف بابين الشفتين والأسنان ومع هذا يكثر الفضول ويفتح الأبواب
(٤٥٠)