ثبتت ولايته فقد حرمت محاربته ومن حارب الله فقد ذكر الله جزاءه في الدنيا والآخرة وكل من لم يطلعك الله على عداوته لله فلا تتخذه عدوا وأقل أحوالك إذا جهلته أن تهمل أمره فإذا تحققت أنه عدو لله وليس إلا المشرك فتبرأ منه كما فعل إبراهيم الخليل ع في حق أبيه آزر قال الله عز وجل فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه هذا ميزانك يقول الله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم كما فعل إبراهيم الخليل أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ومتى لا تعلم ذلك فلا تعاد عباد الله بالإمكان ولا بما ظهر على اللسان والذي ينبغي لك أن تكره فعله لا عينه والعدو لله إنما تكره عينه ففرق بين من تكره عينه وهو عدو الله وبين من تكره فعله وهو المؤمن أو من تجهل خاتمته ممن ليس بمسلم في الوقت واحذر قوله تعالى في الصحيح من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب فإنه إذا جهل أمره وعاداه فما وفي حق الحق في خلقه فإنه ما يدري علم الله فيه وما بينه الله له حتى يتبرأ منه ويتخذه عدوا وإذا علم حاله الظاهر وإن كان عدوا لله في نفس الأمر وأنت لا تعلم فواله لإقامة حق الله ولا تعاده فإن الاسم الإلهي الظاهر يخاصمك عند الله فلا تجعل لله عليك حجة فتهلك فإن لله الحجة البالغة فعامل عباد الله بالشفقة والرحمة كما إن الله يرزقهم على كفرهم وشركهم مع علمه بهم وما رزقهم إلا لعلمه بأن الذي هم فيه ما هم فيه بهم بل وهم فيه بهم لما قد ذكرناه بلسان العموم فإن الله خالق كل شئ وكفرهم وشركهم مخلوق فيهم وبلسان الخصوص ما ظهر حكم في موجود إلا بما هو عليه في حال العدم في ثبوته الذي علمه الله منه فلله الحجة البالغة على كل أحد مهما وقع نزاع ومحاجة فيسلم الأمر إليه واعلم أنك على ما كنت عليه وعم برحمتك وشفقتك جميع الحيوان والمخلوقين ولا تقل هذا نبات وجماد ما عندهم خبر نعم عندهم أخبار أنت ما عندك خبر فاترك الوجود على ما هو عليه وارحمه برحمة موجدة في وجوده ولا تنظر فيه من حيث ما يقام فيه في الوقت حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين فيتعين عليك عند ذلك أن تتخذهم أعداء لأمر الله لك بذلك حيث نهاك أن تتخذ عدوه وليا تلقي إليه بالمودة فإن اضطرك ضعف يقين إلى مداراتهم فدارهم من غير أن تلقي إليهم بمودة ولكن مسالمة لدفع الشر عنك ففوض الأمر إليه واعتمد في كل حال عليه إلى أن تلقاه (وصية) وعليك بملازمة ما افترضه الله عليك على الوجه الذي أمرك أن تقوم فيه فإذا أكملت نشأة فرائضك وإكمالها فرض عليك حينئذ تتفرع ما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت ولا تحقر شيئا من عملك فإن الله ما احتقره حين خلقه وأوجده فإن الله ما كلفك بأمر إلا وله بذلك الأمر اعتناء وعناية حتى كلفك به مع كونك في الرتبة أعظم عنده فإنك محل لوجود ما كلفك به إذ كان التكليف لا يتعلق إلا بأفعال المكلفين فيتعلق بالمكلف من حيث فعله لا من حيث عينه واعلم إنك إذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى الله بأحب الأمور المقربة إليه وإذا كنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق وبصره فلا يسمع إلا بك ولا يبصر إلا بك فيد الحق يدك إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم وأيديهم من حيث ما هي يد الله هي فوق أيديهم من حيث ما هي أيديهم فإنها المبايعة اسم فاعل والفاعل هو الله فأيديهم يد الله فبأيديهم بايع تعالى وهم المبايعون والأسباب كلها يد الحق التي لها الاقتدار على إيجاد المسببات وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد وبصره كما كان الأمر بالعكس في حب أداء الفرائض ففي الفرض عبودية الاضطرار وهي الأصلية وفي الفرع وهو النفل عبودية الاختيار فالحق فيها سمعك وبصرك ويسمى نفلا لأنه زائد كما أنك بالأصالة زائد في الوجود إذ كان الله ولا أنت ثم كنت فزاد الوجود الحادث فأنت نفل في وجود الحق فلا بد لك من عمل يسمى نفلا هو أصلك ولا بد من عمل يسمى فرضا وهو أصل الوجود وهو وجود الحق ففي أداء الفرض أنت له وفي النفل أنت لك وحبه إياك من حيث ما أنت له أعظم وأشد من حبه إياك من حيث ما أنت لك وقد ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى ما تقرب إلى عبد بشئ أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته فكنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر ويده التي يبطش ورجله التي بها يمشي ولئن سألني
(٤٤٩)