الجاهل من حيث هو جاهل في جميع الموارد ليس كتكليف العالم وأن الحكم مع الجهل ليس كالحكم مع العلم، وفيه حينئذ رد للاجماع المدعى في المقام. وهو مطابق لما حققناه في المسألة كما تقدم في المقدمة الخامسة من مقدمات الكتاب. ولا خصوصية له بالصورة المذكورة كما فهمه شيخنا الشهيد الثاني في ما قدمنا نقله عنه من كلامه في الروض ليوافق ما ذهب إليه هو وغيره في المسألة من عدم معذورية الجاهل إلا في هذا الموضع ومسألة الجهر والاخفات.
ثم إن ما ذكره العلامة (قدس سره) في المختلف بعد ذكر ما قدمنا نقله عنه - من أن كلام السيد (رضي الله عنه) يدل بمفهومه على الإعادة في الوقت من حيث إن سؤال السائل تضمن تخصيص سقوط فرض القضاء بخروج الوقت، وهو يدل بمفهومه على الإعادة في الوقت والسيد (قدس سره) لم ينكره - فظني أنه بعيد إذ الظاهر أن مطمح نظر السيد (رحمه الله) إنما هو إلى الجواب عن أصل الاشكال من غير نظر إلى الخصوصية المذكورة وصحة ما ذكره السائل أو بطلانه.
وقال في المدارك في هذا المقام: وهل المراد بالجاهل الجاهل بوجوب القصر من أصله أو مطلق الجاهل ليندرج فيه الجاهل ببعض أحكام السفر كمن لا يعلم انقطاع كثرة السفر بإقامة العشرة؟ فيه وجهان منشأهما اختصاص النص المتضمن لعدم الإعادة (1) بالأول، والاشتراك في العذر المسوغ لذلك وهو الجهل. انتهى.
أقول: ظاهر كلامه (قدس سره) التوقف هنا ومثله نقل عن العلامة في النهاية.
وأنت خبير بأنه لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه، وذلك لأن المشهور في كلام الأصحاب من غير أن يداخله الشك والارتياب هو أن الجاهل بالأحكام الشرعية عندهم غير معذور إلا في مسألتي الجهر والاخفات والجهل بوجوب القصر كما هو مورد الصحيحة المتقدمة فإنها هي مستندهم في الاستثناء من القاعدة المذكورة، وأما ما عدا هذين الفردين من مطلق الجاهل بأحكام القصر فهو عندهم غير معذور لدخوله