لما أخر التقصير إلى الخروج منها ولما علق الحكم بها بل ينبغي أن يعلقه بالمحلة.
وروى البرقي في المحاسن في الصحيح عن حماد بن عثمان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " المسافر يقصر حتى يدخل المصر ".
والتقريب فيه كما تقدم من أن المراد بدخول المصر الوصول إلى أول حدوده وهو تجاوز محل الترخص داخلا، فإنه لما كانت حدود البلد منتهية إلى المكان المشار إليه فبدخولها يصدق دخول المصر كما هو ظاهر، ومن الظاهر أن لفظ المصر إنما يطلق على البلدان المتسعة دون القرى والبلدان الصغار، ولذا قالوا للكوفة والبصرة المصرين كما وقع في الأخبار وكلام أهل اللغة، وكثيرا ما تراهم في كلامهم سيما في باب صلاة الجمعة يقابلون بين الأمصار والقرى، ولو كان الأمر كما يدعونه من الاعتبار بالمحلة في البلد المتسعة لم يجعل هنا غاية التقصير ما ذكرناه بل غايته باعتبار المحلة وسماع أذانها أو رؤية جدرانها.
على أن اللازم من ما ذكروه هنا أنه لو عزم على الإقامة في البلد المتسعة فالواجب مراعاة المحلة، بمعنى أن ما صرحوا به في حكم من أقام عشرة في بلد خاصة - من أنه لا يجوز له تجاوز محل الترخص منها وأنه متى نوى ذلك في أصل نية الإقامة بطلت نيته - يجري في المحلة، فعلى هذا لا يجوز له الخروج إلى سائر المحاليل الخارجة عن هذا المقدار بالنسبة إلى محلته، وهو مع كونه لم صرحوا به في تلك المسألة موجب للحرج في منع المسافر المقيم من التردد في البلد لقضاء حوائجه ومطالبه كما هو الغالب الذي عليه كافة الناس، مع أنه لم يظهر له أثر ولا خبر في الأخبار سيما مع عموم البلوى به مضافا إلى أصالة براءة الذمة منه.
وبالجملة فإن ما صرحوا به هنا من هذا التفصيل لا يخلو من الاشكال كما عرفت. والله العالم.
الثالث - قد عرفت الكلام في حد الترخص حال الذهاب وما فيه من الخلاف