وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك " (1) وهي مطلقة في الاقتصار على الركعتين شاملة باطلاقها للحضر والسفر وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (2) قال:
" قلت له صلاة الخوف وصلاة السفر تقصران جميعا؟ قال نعم، وصلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر الذي لا خوف فيه ".
وأورد على ذلك، أما بالنسبة إلى الآية الأولى فلأن حمل الضرب في الأرض على غير سفر القصر عدول عن الظاهر، مع أنه غير نافع فإن مجرد الخوف كاف للقصر على قولهم من غير توقف على الضرب في الأرض. والظاهر أن المراد بالضرب سفر القصر والتقييد بالخوف إما لوجود الخوف في السفر حين نزول الآية أو يكون قد خرج مخرج الأعم الأغلب في أسفارهم فإنهم كانوا يخافون الأعداء في عامتها، وربما يدعى لزوم الخوف في السفر غالبا. وبالجملة المفهوم إنما يعتبر إذا لم يكن للتقييد فائدة أخرى وههنا ليس كذلك. ويؤيد ما ذكرناه القراءة بترك " إن خفتم " وعلى قول من يقول إن التقصير في الخوف ليس كالتقصير في السفر كما سيجئ فأثر التقييد واضح، وكذا على القول بأن المراد بالقصر في الآية القصر من حدود الصلاة كما يصلي في شدة الخوف.
وأما الثانية فإنها تتمة للآية السابقة، والظاهر أن معناها " وإذا كنت يا محمد فيهم يعني في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم " كما قاله الطبرسي في مجمع البيان، وهو يقتضي اتصالها بما قبلها وسياقها مع شأن نزولها فلا عموم لها، مع أنه لا دلالة لها على القصر فرادى.
وأما الرواية فيمكن المناقشة فيها بأنه يجوز أن يكون المراد بالتقصير القصر في حدود الصلاة لا في ركعاتها كما قيل في الآية لكنه بعيد.