الوجوب كما هو دأبهم في أوامر القرآن فليحمل على ما اتفقوا على لزوم رعايته من حفظ حالتي الوصل والوقف وأداء حقهما من الحركة والسكون أو الأعم منه ومن ترك الوقف في وسط الكلمة اختيارا، ومنع الشهيد من السكوت على كل كلمة بحيث يخل بالنظم فإن ثبت تحريمه كان أيضا داخلا فيه، ولو حمل الأمر على الندب أو الأعم كان مختصا أو شاملا لرعاية الوقف على الآيات مطلقا كما ذكره جماعة من أكابر أهل التجويد، ويشمل أيضا على المشهور رعاية ما اصطلحوا عليه من الوقف اللازم والتام والحسن والكافي والجائز والمجوز والمرخص والقبيح، لكن لا يثبت استحباب رعاية ذلك عندي لأن تلك الوقوف من مصطلحات المتأخرين ولم تكن في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) فلا يمكن حمل كلامه عليه، إلا أن يقال غرضه (عليه السلام) رعاية الوقف على ما يحسن بحسب المعنى على ما يفهمه القارئ ولا ينافي هذا حدوث تلك الاصطلاحات بعده. ويرد عليه أيضا أن هذه الوقوف إنما وضعوها على حسب ما فهموه من تفاسير الآيات وقد وردت أخبار كثيرة كما سيأتي في أن معاني القرآن لا يفهمها إلا أهل البيت (عليهم السلام) الذين نزل عليهم القرآن، ويشهد له أنا نرى كثيرا من الآيات كتبوا فيها نوعا من الوقف بناء على ما فهموه ووردت الأخبار المستفيضة بخلاف ذلك المعنى كما أنهم كتبوا الوقف اللازم في قوله سبحانه " وما يعلم تأويله إلا الله " (1) على آخر الجلالة لزعمهم أن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابهات وقد وردت الأخبار المستفيضة في أن الراسخين هم الأئمة (عليهم السلام) وهم يعلمون تأويلها، مع أن المتأخرين من مفسري العامة والخاصة رجحوا في كثير من الآيات تفاسير لا توافق ما اصطلحوا عليه في الوقوف. ولعل الجمع بين المعنيين - لورود الأخبار على الوجهين وتعميمه بحيث يشمل الواجب والمستحب من كل منهما حتى أنه يراعى في الوقف ترك قلة المكث بحيث ينافي التثبت والتأني وكثرة المكث بحيث ينقطع الكلام ويتبدد النظام فيكره أو يصل إلى حد يخرج عن كونه قارئا
(١٧٥)