ثم نقل قوله المتقدم ذكره.
أقول: لا يخفى أن المسألة المذكورة لما كانت عارية عن النص كثرت فيها الاحتمالات قربا وبعدا واختلفت فيها الأفهام نقضا وإبراما إلا أن الأقرب إلى القواعد الشرعية والضوابط المرعية هو أنا متى قلنا بوجوب سورة كاملة لا زيادة عليها وقلنا بالنهي عن العزائم وبطلان الصلاة بها لما عرفت فإن الواجب على من قرأها ساهيا هو العدول عنها متى ذكر ولم يقرأ السجدة وأن يقرأ غيرها، وهذه الزيادة مغتفرة لمكان السهو كسائر الزيادات الواقعة في الصلاة مما لا تبطل الصلاة به تجاوز النصف أم لم يتجاوز وهذا هو الذي اختاره في الروض. وأما احتماله فيه عدم الرجوع لو تجاوز النصف - بناء على عموم الأخبار المانعة من جواز العدول من سورة إلى أخرى مع تجاوز النصف - ففيه أن هذه الأخبار لا وجود لها وإنما وقع ذلك في كلام الأصحاب كما سيأتي ذكره قريبا إن شاء الله تعالى في مسألة العدول.
وبذلك يظهر لك ما في كلام صاحب المدارك هنا أيضا ردا على جده حيث إن جده كما عرفت اختار ما اخترناه من العدول قبل بلوغ السجدة وإن تجاوز النصف فاعترض عليه بأنه مشكل لاطلاق الأخبار المانعة من جواز العدول من سورة إلى أخرى مع تجاوز النصف. انتهى. وفيه أنه قد اعترف في بحث صلاة الجمعة بعدم وجود النص المذكور في هذا المقام حيث إن المصنف ذكر أنه يستحب العدول إلى سورة الجمعة والمنافقين ما لم يتجاوز نصف السورة فقال (قدس سره): أما استحباب العدول مع عدم تجاوز النصف في غير هاتين السورتين فلا خلاف فيه بين الأصحاب، إلى أن قال وأما تقييد الجواز بعدم تجاوز النصف فلم أقف له على مستند واعترف الشهيد في الذكرى بعدم الوقوف عليه أيضا. انتهى. وحينئذ فأين هذه الأخبار المانعة من جواز العدول مع تجاوز النصف التي أورد بها الاشكال على جده؟ وبذلك يظهر لك ما في كلام الذكرى في هذا المقام.