وبالجملة فإن بعض هذه الأخبار باطلاقه وإن تناول الأخيرتين مع اختيار القراءة فيهما إلا أن الحمل على الفرد الشائع كما أشرنا إليه ممكن.
احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه بأن الأصل وجوب المخافتة بالبسملة في ما يخافت به لأنها بعض الفاتحة خرج الإمام بالنص والاجماع فيبقى المنفرد على الأصل.
وجوابه منع أن الأصل وجوب المخافتة فيها بل الأصل عدمه، ومع الاغماض عن ذلك فالأصل المذكور يجب الخروج عنه بالدليل وهو ما ذكرناه من الأخبار الزائدة على أخبار الإمام وأما قول ابن إدريس باختصاص الحكم بالأولتين فاعترض عليه بأنه تحكم لا دليل عليه. قيل: وكأنه نظر إلى أن الأصل في استحباب الجهر بالبسملة هو التأسي بهم (عليهم السلام) وذلك لا يتم في الأخيرتين إذ لم يثبت أنهم يقرأون في الأخيرتين أم يسبحون فكيف يثبت جهرهم بالبسملة فيهما؟
أقول: لا ريب أنه بالنظر إلى اطلاق جملة من هذه الأخبار فإنه يضعف قول ابن إدريس إلا أنه بالنظر إلى ما ذكرنا من حمل الاطلاق على الفرد المتكثر يقوى ما ذكره، وهو الأظهر لما سيجئ إن شاء الله تعالى في فصل ذكر الأخيرتين من مرجوحية القراءة وأن العمل فيهما إنما هو على التسبيح.
احتج الموجبون بأنهم (عليهم السلام) كانوا يداومون عليه ولو كان مسنونا لا خلوا به في بعض الأوقات. وضعفه ظاهر فإنهم كانوا يداومون أيضا على المستحبات، مع أن صحيحة الحلبيين المتقدمة في الحكم الثالث من المسألة الأولى (1) ظاهرة في رد هذا القول لتضمنها التخيير بين السر والجهر.
ومن الأخبار الدالة على القول المشهور والظاهرة فيه تمام الظهور على الوجه الذي قدمناه ما ورد في كتاب تأويل الآيات الباهرة نقلا من تفسير محمد بن العباس بن