ثم استحضر قصد فعلها تقربا وكبر كان ناويا. إذا عرفت ذلك فنقول إنه يعتبر في نية الصلاة القربة وهي الطاعة لله، ثم ساق الكلام في تلك الأمور الأربعة التي ذكرها المصنف بنقض وإبرام، إلى أن قال. وبالجملة فالمستفاد من الأدلة الشرعية سهولة الخطب في أمر النية وأن المعتبر فيها قصد الفعل المعين طاعة لله تعالى خاصة، وهذا القدر أمر لا يكاد ينفك عنه عاقل متوجه إلى ايقاع العبادة ومن هنا قال بعض الفضلاء لو كلف الله تعالى بالصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية لكان تكليفا بما لا يطاق. وقال بعض المحققين لولا قيام الأدلة على اعتبار القربة وإلا لكان ينبغي أن يكون هذا من باب " اسكتوا عما سكت الله عنه " (1) وذكر الشهيد (قدس سره) في الذكرى أن المتقدمين من علمائنا ما كانوا يذكرون النية في كتبهم الفقهية بل كانوا يقولون أول واجبات الوضوء غسل الوجه وأول واجبات الصلاة تكبيرة الاحرام. وكأن وجهه أن القدر المعتبر من النية أمر لا يكاد يمكن الانفكاك عنه وما زاد عليه فليس بواجب، ومما يؤيد ذلك عدم ورود النية في شئ من العبادات على الخصوص بل خلو الأخبار الواردة في صفة وضوء النبي (صلى الله عليه وآله) وغسله وتيممه (2) من ذلك، وكذا الرواية المتضمنة لتعليم الصادق (عليه السلام) (3) لحماد الصلاة حيث قال فيها: إنه (عليه السلام) قام واستقبل القبلة وقال بخشوع " الله أكبر " ولم يقل فكر في النية ولا تلفظ بها ولا غير ذلك من هذه الخرافات المحدثة، ويزيده بيانا ما رواه الشيخان في الكافي والتهذيب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) قال: " إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات.. " ثم ساق الرواية كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
(١٤)