وفي إلباس الفقه الإمامي أقشب الحلل وأنيقها.
لقد تألق ذكر العلامة في الآفاق، وسطع نجمه، وتصدرت مكانته، وليس أدل على ذلك من الوقوف على سر تسميته وتلقيبه ب " العلامة " واختصاصه به على الإطلاق، حتى عاد هذا اللقب المستعار اسما " له، يشخصه ويميزه من بقية الفطاحل من العلماء والفقهاء الذين تقدموا عليه وعاصروه فما يكاد يذكر هذا اللقب وهذا الاسم، إلا ويتبادر إلى الذهن شخصية عيلمنا المترجم له، والذي يبدو لنا في سر هذه التسمية واختصاصها به، أنه:
حصل عليها عقب مناظرته المشهورة في مجلس السلطان الجايتو محمد خدابنده الذي تشيع بعدها على يديه (1)، حيث كشفت عن سعة فهمه، ووفور علمه، ودقة نظره، وحدة ذهنه، والتي منحت له في بداية الأمر على سبيل الارتجال، ثم لازمته بدافع الشهرة في نهاية المطاف (2).
ففي عصره استبصر هذا السلطان، وتشيع، وضرب النقود باسم الأئمة في عام 708 ق فتخلصت الأمة الإسلامية من بدعة الخلافة التي قامت بموت النبي - صلى الله عليه وآله -، فانفصلت السلطة السياسية عن الإمامة الروحية، وأعطيت بعض الحريات الدينية التي كان العباسيون يضنون بها فلو كان العباسيون قبل ذلك مقتنعين بالسلطة السياسية، وتاركين الإمامة الروحية لأهلها، فلعله لم يحصل ما حصل من الدمار..
وفي عصره أرجعت إلى الحلة - وهي مدينة بابل - مكانتها العلمية القديمة، فصارت مركزا فلسفيا للشيعة، وازدهرت فيها مدارسهم بعد ما عانت من الاضطهاد