الكفاءات فيها - على مر العصور والأجيال بمثل هذا العطاء الزاخر، وهذه القمم الأخلاقية السامقة، ولقدر لنا أن نسود العالم والأمم، وأن نتصدرهم من خلال امتداد رسالة السماء إلى كافة أرجاء المعمورة، تلك الرسالة التي أعطتنا عندما تمسكنا بها: هوية، وعزة، وعظمة، وارتقت بنا إلى سلالم المجد والخلود، وتلك التي عندما تركنا العمل بتعاليمها ومبادئها: هوينا إلى أحط درجات الانحطاط، وأدنى مستويات التسيب والإسفاف، وصرنا بعد أن كنا أمة حية، مهابة الجانب، يفتخر الغير بالاقتداء والاهتداء بها، صرنا أمة يطمع بها لضعفها، ويرثى لحالها من فقرها وجدبها، وليس هذا، الذي توخاه لنا الدين، ولا هو، الذي أراده لنا النبي - صلى الله عليه وآله -، ولنعم ما قال أحد الشعراء العرب، معللا سبب انهيارنا بعد ذاك العز التليد:
محمد هل لهذا جئت تسعى * وهل لك ينتمي همل مشاع أإسلام وتغلبهم يهود * وآساد وتغلبهم ضباع شرعت لهم طريق الحق لكن * أضاعوا شرعك السامي فضاعوا فما أحرانا سيما ونحن في مثل هذا الدهر الذي ضاعت فيه كل القيم الإنسانية، والمبادئ الأخلاقية، وعاد فيه الدين غريبا كما بدأ غريبا، وما أحوجنا إلى أن نخلد ذكرى أئمتنا وعلمائنا، وذلك من خلال إلزام أنفسنا باتباعهم، والانتهاج بمنهجهم، والاحتذاء بحذوهم، والأخذ من عظاتهم وسلوكهم بلسما لأمراضنا الاجتماعية التي جرتنا إلى هذه الهوة السحيقة، والأخذ بمثل هذه السير العطرة لهؤلاء العظماء، كي نخرج من هذا الواقع المعاب، إلى واقع مشرف، طافح بالعزة والكرامة، وأن نستعيد مجدنا الإسلامي التليد، بعد هذا الإعراض الطويل العتيد، ليعود لواء الإسلام المحمدي الأصيل عاليا " خفاقا " على العالم من جديد..
ومن أبرز هؤلاء العظام، الشخصية العلمية الفذة، صاحب المكانة المرموقة في أفق العلم والعلماء، العلامة الحلي الشيخ الحسن بن يوسف بن علي بن