لمعرفتنا بذلك الحكم بالعقل. ولو قلنا: أن المبقي وارد (1) بعد الناقل، لكان واردا حيث يحتاج إليه فكان الحكم بتأخره عن الناقل أولى من الحكم بتقدمه. وقيل: الناقل أولى، لأنه يستفاد منه ما لا يعلم إلا منه، وأما المبقي فإن حكمه معلوم بالعقل فكان الناقل أولى. ولأن القول بتقديم الناقل يستلزم كثرة النسخ، لأنه أزال حكم العقل ثم المبقي أزاله بخلاف العكس، وهذا إنما يصح في أخبار الرسول صلى الله عليه وآله، وأما في أخبار الأئمة عليهم السلام فلا.
الرابع: قال الشيخ في المبسوط: بول الطيور كلها طاهرة، سواء أكل لحمها أو لم يؤكل، وذرقها إلا الخشاف (2). وحجته ما رواه في الحسن، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله) (3) والرواية مشكلة، وهي معارضة لرواية ابن سنان، وتلك أقل رجالا من هذه وهي متضمنة للناقل إلا أن لقائل أن يقول: أنها غير مصرحة بالتنجيس، أقصى ما في الباب أنه أمر بالغسل منه، وهذا غير دال على النجاسة إلا من حيث المفهوم، ودلالة المنطوق أقوى.
وروى غياث، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: (لا بأس بدم البراغيث، والبق، وبول الخشاشيف) (4) وفي الطريق نظر، فإن الراوي إن كان غياث بن إبراهيم فهو بتري.
قال الشيخ: هذه رواية شاذة (5)، ويجوز أن يكون قد وردت للتقية.
مسألة: وبول ما يؤكل لحمه طاهر. ذهب إليه علماؤنا، وهو قول عطاء،