والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك، وهم صغار الحدق (1)، وجوههم كالمجان المطرقة (2)، لباسهم الحديد، جرد مرد (3)، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم، جهوري الصوت، قوي الصولة، عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع عليه راية إلا نكسها، الويل الويل لمن ناوأه (4)، فلا يزال كذلك حتى يظفر (5).
فلما وصف لنا ذلك ووجدنا الصفات فيكم، رجوناك فقصدناك، فطيب قلوبهم وكتب لهم فرمانا " باسم والدي - رحمه الله -، يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها.
فكان بفضل حزم وتدبير والد العلامة، سلامة مدينة الحلة الفيحاء، والكوفة الغراء والمشاهد المشرفة للأئمة الطاهرين، بعيدة محفوظة عن فتك المغول ووحشيتهم، وإتماما لهذه البادرة العقلائية الخيرة من هذا الشيخ الجليل، كانت مبادرة السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن موسى بن جعفر بن طاوس، حيث ألف كتابا " خاصا " أسماه: " البشارة " وأهداه إلى هولاكو، فكان من بركته أن رد - هولاكو - إليه شؤون النقابة في البلاد الفراتية، وأمر بسلامة المشهدين الشريفين للإمامين الكاظمين الجوادين، ومدينتهم: الحلة الفيحاء.
ومهما قيل عن هاتين المبادرتين الخيرتين من تفسير وتأويل، فإنهما كانتا مثمرتين بثمار مفيدة، منتهيتين بنتائج نافعة تركت آثارا طيبة إلى يومنا هذا، ولم يكن علماء الحلة ولا غيرهم من سائر علمائنا العظام من أولئك المساومين أو