والجواب: إن المذي عندنا طاهر ويستحب نضحه، فلا احتجاج به، ولأنه حكم في نجاسة معينة عند القائلين بنجاسته، والنجاسات قد تختلف في الأحكام، فلا تتعدى إلى غيرها.
لا يقال: قد روى الشيخ في الصحيح، عن زرارة قال: قلت: فإني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟ قال: (تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك) (1) وهذا دليل التحري.
لأنا نقول: أما أولا: فزرارة لم يسندها إلى إمام، فلا احتجاج بها. وأما ثانيا:
فإن الرؤية ها هنا بمعنى العلم، ويكون الواجب عليه غسل الناحية التي يعلم وصول النجاسة إليها بأجمعها، وإن كانت النجاسة حصلت في جزء منها، ليكون على يقين من الطهارة، وهذا التعليل في الرواية يدل على ما ذكرناه.
فروع:
الأول: لو تيقن حصول النجاسة غير المعفو عنها في أحد الثوبين وجهل المعين وجب عليه غسلهما معا. وهو قول علمائنا أجمع، وقول أحمد، وأبي ثور، والمزني، وابن الماجشون (2).
لنا: وجوب غسل واحد متيقن، لقوله تعالى: " وثيابك فطهر " (3) والنجاسة متيقنة، ولا وجه للتخصيص، إذ كل ثوب يحتمل أن يكون هو النجس، فأما أن لا يجب غسل شئ منهما وهو باطل إجماعا، أو يجب غسل الجميع وهو المطلوب.
الثاني: لا يجوز له التحري فيهما، بل يصلي في كل واحد منهما الصلاة المعينة لو لم