وأما الثاني: فلانتفاء الدلالة اللفظية فيه، إذ لفظ النهي إنما يدل على الزجر والعقوبة، إذ لا استبعاد في أن يقال: نهيتك عن البيع وإن أتيت به حصل الملك، فإن عارضوا بالنهي في العبادات، قلنا: المراد من الفساد ثم عدم الإجزاء وهاهنا عدم إفادة الأحكام المترتبة على العقد وأحدهما غير الآخر.
قالوا: أجمعت الصحابة على فساد الربا بالنهي عنه، ولأن النهي نقيض الأمر الدال على الإجزاء فيكون دالا على الفساد.
قلنا: نمنع استناد الإجماع إلى النهي، وكيف يكون كذلك مع أنهم قد حكموا بصحة كثير من المنهيات؟!
وعن الثاني: بأن المختلفات قد تتساوى في الأحكام، سلمنا لكن الأمر لما دل على الإجزاء وجب أن يكون نقيضه لا يدل عليه لا أنه يدل على الفساد.
فروع:
الأول: لو استعمل المغصوب، ماءا كان أو ترابا في الطهارة لم يجزئه ووجب عليه الاستئناف، ولم يرتفع حدثه، لأنه عبادة فالنهي عنها يقتضي الفساد.
الثاني لو كانت الآنية مغصوبة دون الماء، صحت الطهارة، لوجود المقتضي وهو الغسل أو التيمم السليم عن معارضة الفساد الناشئ بغصبية ما يتطهر به.
لا يقال: ما ذكرتموه ثم عائد هنا، لأن استعمال الماء إنما يكون بأخذ من الآنية فهو لا ينفك عن الغصبية، فكان هنا هنا منهيا عنه، فلم يكن مجزيا.
لأنا نقول: ها هنا تصرفان، أحدهما: أخذ الماء من الآنية، وذلك منهي عنه ولا يتوجه إليه فساد، إذ ليس عبادة.
والثاني: صرف الماء من الأعضاء، وذلك غير منهي عنه، فكان مجزيا. ولقائل أن يقول: أنهما وإن تغايرا لكن الثاني ملزوم الأول، وفيه بحث.
الثالث: لو اشترى الماء بثمن مغصوب، فإن اشتراه بالعين لم يصح الوضوء، وإن