احتج أبو حنيفة: بأن الطهارة شرط ولا تصح إلا بالماء أو التراب، والوحل ليس واحدا منهما (1). والجواب: قد بينا أنه لا يخرج بالمزج عن الحقيقة.
فروع:
الأول: الطين مرتبة ثالثة بعد غبار الثوب واللبد وشبههما، بمعنى أنه لا يعدل إليه إلا مع فقده، وهو قول علمائنا، لأن التراب الخالص موجود في الغبار وليس موجودا في الطين إلا مع المزج، فكان الأول أولى، ويؤيده: الروايات المتقدمة.
لا يقال: يعارض هذا ما رواه الشيخ، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال:
قلت: رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين، ما يصنع؟ قال: " يتيمم فإنه الصعيد " قلت: فإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضوء، قال: " إن خاف على نفسه من سبع أو غيره وخاف فوت الوقت فليتيمم بضرب بيده على اللبد والبرذعة ويتيمم ويصلي " (2).
لأنا نقول: هذه الرواية ضعيفة السند، ومع ذلك فهي غير منافية لما قلناه، لأنه لم يتعرض لنفي التراب بل لنفي الماء، وهو لا يستلزم ذلك، ولا قوله: وفيها طين أيضا.
الثاني: إذا (3) تمكن من جفاف أجزاء الطين بحيث يصير ترابا ويتيمم به، تعين ذلك، وكان أولى من التيمم بغبار الثوب واللبد، لأنه في هذه الصورة متيمم بتراب حقيقة. ولأنا قد بينا تأخر مرتبة اللبد وشبهه عن التراب والأرض.
الثالث: يشترط في الوحل أن تكون أرضه مما يجوز التيمم منها، وإلا كان حكم