فيصير فيها ويشربون من ذلك ويتوضؤون قال لو غسلت كيف تغسل الماء يجئ المطر إلا أن يكون قد غسلها مرة أو مرتين والأولى الحكم بطهارتها لأن هذه قد أصابها الماء مرات لا يحصى عددها وجرى على حيطانها من ماء المطر ما يطهرها بعضه ولأن هذه يشق غسلها فأشبهت الأرض التي تطهر بمجئ المطر عليها.
* (مسألة) * قال (وإذا مات في الماء اليسير ما ليس له نفس سائلة مثل الذباب والعقرب والخنفساء وما أشبه ذلك فلا ينجسه).
النفس هاهنا الدم يعني ما ليس له دم سائل والعرب تسمي الدم نفسا قال الشاعر:
أنبئت أن بني سحيم أدخلوا * أبياتهم تامور نفس المنذر يعني دمه ومنه قيل للمرأة نفساء لسيلان دمها عند الولادة وتقول العرب: نفست المرأة إذا حاضت ونفست من النفاس. وكل ما ليس له دم سائل كالذي ذكره الخرقي من الحيوان البري أو حيوان البحر منه العلق والديدان والسرطان ونحوها لا ينجس بالموت ولا ينجس الماء إذا مات فيه في قول عامة الفقهاء، قال ابن المنذر لا أعلم في ذلك خلافا إلا ما كان من أحد قولي الشافعي قال فيها قولان (أحدهما) ينجس قليل الماء قال بعض أصحابه وهو القياس (والثاني) لا ينجس وهو الأصلح للناس. فأما الحيوان في نفسه فهو عنده نجس قولا واحدا لأنه حيوان لا يؤكل لا لحرمته فينجس بالموت كالبغل والحمار.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء " رواه البخاري وأبو داود وفي لفظ " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفا " قال ابن المنذر: ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك قال الشافعي: مقله ليس بقتله قلنا اللفظ عام في كل شراب بارد أو حار أو دهن مما يموت بغمسه فيه فلو كان ينجس الماء كان أمرا بافساده وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسلمان " يا سلمان أيما طعام أو شراب ماتت فيه دابة ليست لها نفس سائلة فهو الحلال أكله وشربه ووضوؤه " وهذا صريح أخرجه الترمذي والدارقطني، قال الترمذي: يرويه بقية وهو مدلس فإذا روى عن الثقاة جود ولان مالا نفس له سائلة لم يتولد من النجاسة فأشبه دود الخل إذا مات فيه فإنهم سلموا ذلك ونحوه انه لا ينجس المائع الذي تولد منه إلا أن يؤخذ ثم يطرح فيه أو