وعن الثاني: بالفرق، فإن القضاء لا يتعين في ذلك اليوم، فجاز له ترك الصوم فيه، ولا يجب عليه صومه، فلا يجب نيته. فإذا لم ينو في صدر النهار لم يكن مأثوما، ويكون حكمه حكم الساهي في رمضان، فإنه يسوغ له ترك النية إلى الزوال. فإذا نوى قبله صح صومه، وكذا القاضي. أما نهار رمضان فإنه يتعين صومه، فيجب فيه النية مع العمد. فإذا ترك النية من العمد يكون قد ترك شرطا للواجب فكان تاركا للواجب.
مسألة: لو نسي النية من الليل جددها إلى قبل الزوال، فإن زالت الشمس ولم يجددها وجب عليه الإمساك وعليه القضاء، ولا يكون صوما مشروعا.
ويظهر من كلام ابن أبي عقيل (1) أن الناسي كالعامد في رمضان، وأنه لو أخل بالنية من الليل لم يصح صومه، لأنه قال: ويجب على من كان صومه فرضا عند آل الرسول - عليهم السلام - أن يقدم النية في اعتقاد صومه ذلك من الليل، ومن كان صومه تطوعا أو قضاء رمضان فأخطأ أن ينوي من الليل فنواه بالنهار قبل الزوال أجزأه، وإن نوى بعد الزوال لم يجزه، والمشهور ما اخترناه نحن أولا.
لنا: قوله - عليه السلام -: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " (2) وإيجاب القضاء يستلزم عدم رفع حكم النسيان.
احتج بأنه لم يأت بالشرط، فلا يخرج عن عهدة التكليف بالمشروط.
والجواب: إنه شرط مع الذكر أو إلى الزوال.
مسألة: ظاهر كلام ابن الجنيد (3) يقتضي تسويغ الإتيان بالنية بعد الزوال في الفرض مع الذكر أو النسيان، لأنه قال: ويستحب للصائم فرضا وغير فرض