واحدة في الأيام المتعددة صح صومه مع سبق النية، وإلا وجب عليه القضاء، كما ذهبنا نحن إليه.
وأما قوله: " إذا أصبح مجنونا فأفاق في بعضه ونوى فلا قضاء عليه " فإن قصد به أنه ينعقد صومه صحيحا فليس بجيد، لأن جزء الزمان ما لا يصح (1) صومه، والصوم عبادة لا تقبل التجزئ، وقول ابن الجنيد في المغمى عليه يناسب ذلك، كما نقلناه عنه أولا، وليس بجيد أيضا.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: المغمى عليه إذا كان مغمى عليه من أول الشهر ونوى الصوم ثم أغمي عليه واستمر به أياما لو يلزمه قضاء شئ، لأنه بحكم الصائم، وإن لم يكن مفيقا في أول الشهر بل كان مغمى عليه وجب عليه القضاء على قول بعض أصحابنا. وعندي أنه لا قضاء عليه أصلا، لأن نيته المتقدمة كافية في هذا الباب، وإنما يجب ذلك على مذهب من راعى تعيين النية أو مقارنة النية التي هي القربة، ولسنا نراعي ذلك (2).
وهذا القول ليس بجيد، لأن عدم القضاء في الأول ليس باعتبار أنه بحكم الصائم، بل باعتبار سقوط التكليف عنه، وفي الثاني ليس باعتبار تجويز تقديم النية، لأنا لو فرضناه غير ناو ثم أغمي عليه قبل الهلال لم يجب عليه القضاء عند الشيخ، بل الوجه ما قلناه نحن من عدم التكليف.
مسألة: قال في المبسوط: لو دخل عليه شهر رمضان وهو مغمى عليه أو مجنون أو نائم وبقي كذلك يوما أو أيام كثيرة أفاق في بعضها أو لم يفق لم يلزمه قضاء شئ مما مر به، إلا ما أفطر فيه أو طرح في حلقه على وجه المداواة له فإنه يلزمه حينئذ القضاء، لأن ذلك لمصلحته ومنفعته، وسواء أفاق في بعض