فإنه يجب عليه في سفره الثاني التقصير وإن كان لم يقم عشرة. ثم قال - بعد كلام طويل -: فأما صاحب الصنعة من المكارين، والملاحين، ومن يدور في تجارته من سوق إلى سوق، ومن يدور في إمارته فلا يجرون مجرى من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره، ولا يعتبر فيهم ما اعتبرناه فيهم من الدفعات، بل يجب عليهم التمام بنفس خروجهم إلى السفر، لأن صنعتهم يقوم مقام تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره (1).
والأقرب أن أرباب الصنائع لا يثبت فيهم (2) التمام بأول مرة، بل بثاني مرة، مثلا إذا ابتدأ بالمكارات وخرج من بلده مكاريا وجب عليه التقصير، فإذا عاد إلى بلده ثم خرج بعد إقامة عشرة أيام خرج مقصرا، وإن كان بعد إقامة أقل خرج متمما، وكذا من لا صنعة له إذا جعل السفر عادته، فإنه يجب عليه التمام في ثاني مرة إذا لم يتخلل الإقامة عشرة أيام.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: لا يجوز التقصير للمسافر، إلا إذا توارى عنه جدران بلده، أو خفي عليه أذان مصره (3)، وهو قول ابن البراج (4). وكذا في المبسوط قال فيه: ولا يجوز أن يقصر ما دام بين بنيان البلد سواء كانت عامرة أو خرابا، فإن اتصل بالبلد بساتين فإذا حصل بحيث لا يسمع أذان المصر قصر، وإن كان دونه تمم (5).
وفي الخلاف: لا يجوز أن يقصر حتى تغيب عنه البنيان، ويخفى عنه أذان مصره، أو جدران بلده (6).