لنا: إنا قد بينا أن ازدراد كل شئ يفسد الصوم ويجب به القضاء والكفارة، والغبار من هذا الباب.
وما رواه سليمان بن حفص المروزي قال: سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين، فإن ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح (1).
احتج الآخرون بأصالة براءة الذمة، وبما رواه عمرو بن سعيد، عن الرضا - عليه السلام - عن الصائم يدخل الغبار في حلقه، قال: لا بأس (2).
والجواب: الأصالة يبطل حكمها مع قيام الدليل المخرج عنها وقد بيناه، وعمرو بن سعيد وإن كان ثقة إلا أن فيه قولا، ومع ذلك فالرواية نقول بموجبها، لأن مطلق الغبار لا ينقض، وإنما الناقض هو الغبار الغليظ، وأيضا الغبار الغليظ إذا دخل اتفاقا لا عن قصد ولا عن تعمد للكون في مكانه لا ينقض، ولم يتضمن السؤال شيئا من ذلك.
مسألة: قال في النهاية: شم الرائحة الغليظة التي تصل إلى الجوف توجب القضاء والكفارة (3)، وبه قال ابن البراج (4)، ولم يجعله في المبسوط مفطرا، وهو قول المفيد فإنه قال: يجتنب الصائم الرائحة الغليظة والغبرة التي تصل إلى الحلق، فإن ذلك نقض في الصيام (5)، وهو الأقوى عندي.