لنا: إنه قد وجد المقتضي للتقصير وانتفى المانع فيجب القصر، أما وجوب المقتضي فلأنه مسافر شغل يومه بالسير فيه فيجب عليه التقصير، وأما انتقاء المانع فلأن السير في ذلك الطريق لا لغرض سوى الترخص أمر مباح، وكل سفر مباح فإنه موجب للقصر وانتفى عنه وجه القبح.
احتج بأنه عبث فيكون منهيا عنه.
والجواب: المنع من المقدمتين.
مسألة: قال ابن البراج: لو شك في المنسية هل هي صلاة حضر أو سفر كان عليه أن يصلي صلاة حضر (1). والوجه أنه يجب عليه الصلاتان.
لنا: إن الزيادة والنقصان مبطلان، والقصر والتمام فرضان متغايران، فوجبا معا عليه، كما لو نسي هل الفائتة صبحا أو ظهرا.
احتج بأن الأصل عدم السفر، والأحوط التمام، لدخول القصر تحته.
والجواب: المنع من أصالة عدم السفر، والقصر ليس داخلا تحت التمام، لتغاير الفرضين.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا خرج حاجا إلى مكة وبينه وبينها مسافة يقصر فيها الصلاة ونوى أن يقيم بها عشرا قصر في الطريق، فإذا وصل إليها أتم، وإن خرج إلى عرفة يريد قضاء نسكه لا يريد مقام عشرة أيام إذا رجع إلى مكة كان له القصر، لأنه نقض مقامه بسفر بينه وبين بلده يقصر من مثله، وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام عشرة أيام بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر. هذا على قولنا بجواز التقصير بمكة، فأما على ما روي من الفضل في الإتمام بها فإنه يتم على كل حال، غير أنه يقصر فيما عداها من عرفات ومنى وغير ذلك، إلا أن ينوي المقام عشرا ويتم حينئذ على ما