وإنما قيدنا ذلك بالخروج بعد الزوال جمعا بين الأخبار، ولكون هذه المسألة أحد المطالب الجليلة طولنا الكلام فيها.
مسألة: قال ابن أبي عقيل (1): إن خرج متنزها أو متلذذا أو في شئ من أبواب المعاصي يصوم، وليس له أن يفطر، وعليه القضاء إذا رجع إلى الحضر، لأن صومه في السفر ليس بصوم، وإنما أمر بالإمساك عن الإفطار لئلا يكون مفطرا في شهر رمضان في غير الوجه الذي أباح الله - عز وجل - له الإفطار فيه، كما أن المفطر في يوم من شهر رمضان عامدا قد أفسد صومه، وعليه أن يتم صومه ذلك إلى الليل لئلا يكون مفطرا في غير الوجه الذي أمره الله تعالى فيه بالإفطار، ونحوه قال ابن الجنيد (2).
والمشهور أنه يجب عليه الصوم إذا كان سفره معصية، ولا يجب عليه القضاء.
لنا: أنه مأمور بالصوم، وقد امتثل فيخرج عن العهدة.
ولأن المقتضي لإيجاب الصوم موجود، والمعارض لا يصلح للمانعية، فيجب الصوم.
أما الأول: فالأمر الدال على الوجوب الصوم مطلقا.
وأما الثاني: فلأن المعارض (3) وهو السفر هنا لا يصلح للمانعية، لأن شرط مانعية السفر كونه طاعة، وقد انتفى الشرط فينتفي المشروط وهو مانعية هذا السفر، وإذا كان هذا الصوم واجبا وقد فعله فيسقط القضاء عنه، لما ثبت من أن الأمر يقتضي الإجزاء.