أعلى لزم الضرر على المالك، فوجب اعتبار القمية.
ثم من العجب نسبة كلام الشيخ وفتواه إلى الشافعي دون قول أصحابنا، مع أنه المتعين الذي يجب المصير إليه، فقد نبه الشيخ على مثله في الخلاف فقال: لا يجزئ في الفطرة الدقيق والسويق أصلا، وبه قال الشافعي. فإن أخرجه على وجه القيمة أجزأه عندنا دونه، وقال أبو حنيفة: يجزئ كل منهما أصلا. واستدل الشيخ على مذهبه بالإجماع على تجويز ما قاله، وليس على خلافه دليل فلا يصار إليه، وبأن الأخبار تضمنت الحب ولم تتضمن الدقيق والسويق، فما خالفها وجب اطراحه (1).
وأي فرق بين الدقيق والسويق وبين الخبز، فإن كل واحد منهما قد اشتمل على زيادة صفة، بل الدقيق والسويق إلى الحب أقرب. فإذا لم يجز على أنه أصل، فكيف يجزئ ما هو أبعد نسبة إليه؟!.
بقي هنا بحث وهو أنه لو كان قيمة صاع الشعير بقدر قيمة نصف صاع من حنطة أو زبيب أو غيرهما من الأجناس فأراد إخراج نصف صاع الحنطة عن صاع الشعير أجزأه إذا قصد إخراج القيمة، ولو لم يقصد إخراج القيمة لم يجزئه أقل من صاع حنطة.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: لا يجوز أن يخرج صاعا واحدا من جنسين، لأنه يخالف الخبر (2).
وقال قطب الدين الكيدري (3): لا يجوز إخراج صاع واحد من جنسين إلا على جهة القيمة. والأقرب عندي جواز ذلك.