احتج الآخرون بأنه دفع مالا إلى مستحقه فيخرج عن العهدة.
والجواب: إنما يخرج عن العهدة لو دفعه إليه على الوجه المطلوب منه.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: من أعطى غيره زكاة الأموال ليفرقها على مستحقها وكان مستحقا للزكاة جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يعطي غيره، اللهم إلا أن يعين له على أقوام بأعيانهم فإنه لا يجوز له حينئذ أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يعدل عنهم إلى غيرهم (1)، وهو اختياره في المبسوط (2) في باب الزكاة، ورواه المفيد في المقنعة (3)، واختاره ابن البراج (4).
وقال الشيخ في الجزء الثاني من المبسوط: إذا وكله في إبراء غرمائه لم يدخل هو في الجملة، وكذلك في حبس غرمائه ومخاصمتهم، وكذلك إذا وكله في تفرقة ثلثه في الفقراء والمساكين لم يجز له أن يصرف إلى نفسه منه شيئا وإن كان فقيرا مسكينا، لأن المذهب الصحيح أن المخاطب لا يدخل في أمر المخاطب إياه في أمر غيره، فإذا أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وآله - بأن يأمر أمته أن يفعلوا كذا لم يدخل هو في ذلك الأمر (5). وهذا الكلام يشعر بالمنع في باب الزكاة أيضا، إذ لا فارق بينهما، وابن إدريس (6) منع أيضا من المشاركة. والوجه الأول.
فهنا حكمان: الأول: تجويز أن يأخذ مثل غيره، الثاني: المنع من الزيادة.
أما الأول: فلأنه امتثل المأمور به فيخرج عن العهدة، أما المقدمة الأولى: