مسألة: اختلف علماؤنا في مستحق الإمام - عليه السلام - في حال الغيبة من الأخماس والأنفال وغيرها.
قال المفيد: وقد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة، وذهب كل فريق منهم إلى مقال، فقال قوم منهم: يسقط فرض إخراجه لغيبة الإمام وما ورد فيه من الرخص من الأخبار. وبعضهم يوجب كنزه، وتناول خبرا ورد أن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام القائم، وأنه - عليه السلام - إذا قام دله الله سبحانه على الكنوز فيأخذها من كل مكان. وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب. قال: ولست أدفع قرب هذا القول من الصواب. وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر - عليه السلام -، فإن خشي إدراك المنية قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته ويسلمه إلى الإمام - عليه السلام - إذا أدرك قيامه، وإلا أوصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان عليه السلام.
قال: وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدمه، لأن الخمس حق وجب لغائبه لم يرسم فيه قبل غيبته رسما يجب الانتهاء إليه، فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه، أو التمكن من إيصاله إليه، أو وجود من انتقل بالحق إليه، وجرى أيضا مجرى الزكاة الذي يتقدم (1) عند حلولها مستحقها، فلا يجب عند عدمه سقوطها، ولا يجعل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك، ويجب حفظها بالنفس والوصية بها إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف، فإن ذهب ذاهب إلى صنع ما وصفناه في شطر الخمس الذي هو خالص للإمام - عليه السلام - وجعل الشطر الآخر في يتامى آل محمد - عليهم السلام - وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن لم تبعد أصابته