وكيف يكون العزم مفسدا للصوم كما يفسده الفعل المعزوم عليه وقد علمنا أنه ليس في الشريعة عزم له مثل حكم المعزوم عليه الشرعي؟! فليس من عزم على الصلاة له حظ فعلها، وإنما شرطنا الحكم الشرعي، لأن العزم في الثواب واستحقاق المدح حكم المعزوم عليه، وكذا العزم في القبيح يستحق عليه الذم، كما يستحق على فعل القبيح وإن وقع اختلاف في تساويه أو قصور عنه.
وأيضا لو كان عزيمة الأكل وشبهه من المفطرات لوجب أن يذكرها أصحابنا في جملة ما عددوه من المفطرات، ولم يذكر أحد منهم - على اختلاف تصانيفهم ورواياتهم - أن العزم على بعض هذه المفطرات يفسد الصوم، ولا أوجبوا فيه قضاء ولا كفارة.
ثم اعترض بأنه لو نوى عند ابتداء طهارته إزالة الحدث، ثم لما أراد أن يطهر رأسه غير هذه النية ونوى النظافة أو غيرها مما يخالف إزالة الحدث.
وأجاب: بأن نية الطهارة إنما تجب في ابتدائها، ولا يجب تجديدها حتى يقارن جميع الأجزاء، بل كان وقوعها في الابتداء يقتضي كون الغسل والمسح طهارة، فحينئذ لا يؤثر هذا التغيير في استمرار حكم النية، كما لو عزم على أن يحدث حدثا ينقض الوضوء ولم يفعله لم يجب عليه أن يكون ناقضا لحكم الطهارة.
وأيضا يمكن الفرق بأن الصوم لا يتبعض، وكذا الإحرام والدخول في الصلاة. أما الوضوء فإنه يمكن فيه التبعيض، فيكون بعضه صحيحا وبعضه فاسدا.
فلو قلنا: إنه إذا نوى إزالة الحدث وغسل وجهه ثم بدا له فتوى النظافة بما فعله من غسل يديه ينوي بهذه النية للنظافة لا لإزالة الحدث، ولا يعمل فيه النية الأولى لجاز.
ولكنا نقول له: أعد غسل يديك ناويا للطهارة وإزالة الحدث، ولا نأمره