واحد من أهل المشرق والمغرب يطول تعدادهم ولقد أطال الإمام شمس الدين محمد بن مسدي في ترجمته فمن ذلك قوله إنه كان جميل الجملة والتفصيل محصلا لفنون العلم أخص تحصيل وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق والتقدم الذي لا يسبق سمع ببلاده من ابن زرقون والحافظ ابن الجد وأبي الوليد الحضرمي وبسبتة (بلدة بالمغرب) من أبي محمد ابن عبد الله وقدم عليه إشبيلية أبو محمد عبد المنعم بن محمد الخزرجي فسمع منه وأبو جعفر بن مصلى انتهى ولقي المؤلف أيضا عبد الحق الإشبيلي وسمع منه كما تقدم وإن قال ابن مسدي إن في ذلك عندي نظرا فإن المؤلف نفسه ذكر في إجازته للملك المظفر غازي ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب ما معناه أو نصه ومن شيوخنا الأندلسيين أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الإشبيلي رحمه الله حدثني بجميع مصنفاته في الحديث وعين لي من أسمائها تلقين المهتدين والأحكام الكبرى والوسطى والصغرى وكتاب التهجد وكتاب العافية ونظمه ونثره وحدثني بكتب الإمام أبي محمد علي بن أحمد بن خرم عن أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح عنه انتهى ومن كلام ابن مسدي أيضا في ترجمته قوله إنه كان ظاهري المذهب في العبادات باطني النظر في الاعتقادات خاض بحار تلك العبارات وتحقق بمحيا تلك الإشارات وتصانيفه تشهد له عند أولي البصر بالتقدم والإقدام ومواقف النهايات في مزالق الاقدام ولهذا ما ارتبت في أمره والله تعالى أعلم بسره انتهى وسمع الحديث أيضا من أبي القاسم الخزستاني وغيره وسمع صحيح مسلم من الشيخ أبي الحسن بن أبي نصر في شوال سنة 606 وكان يحدث بالإجازة العامة عن أبي طاهر السلفي ويقول بها وبرع في علم التصوف وله في ذلك تأليف كثيرة منها الجمع والتفصيل في حقائق التنزيل والجذوة المقتبسة والخطرة المختلسة وكتاب كشف المعنى في تفسير الأسماء الحسنى وكتاب المعارف الإلهية وكتاب الأسرى إلى المقام الأسرى وكتاب مواقع النجوم ومطالع أهلة أسرار العلوم وكتاب عنقاء مغرب في صفة ختم الأولياء وشمس المغرب وكتاب في فضائل مشيخة عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي والرسالة الملقبة بمشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية وكتب أخرى عديدة كالفصوص والفتوحات المدنية وهي مختصرة في قدر عشر ورقات وكهذا الكتاب أعني الفتوحات المكية الذي اختصره سيدي عبد الوهاب بن أحمد الشعراني المتوفى سنة 973 وسمي ذلك المختصر لواقح الأنوار القدسية المنتقاة من الفتوحات المكية ثم اختصر هذا المختصر وسماه الكبريت الأحمر من علوم الشيخ الأكبر وذكر في مختصر الفتوحات ما نصه وقد توقفت حال الاختصار في مواضع كثيرة منه لم يظهر لي موافقتها لما عليه أهل السنة والجماعة فحذفتها من هذا المختصر وربما سهوت فتبعت ما في الكتاب كما وقع للبيضاوي مع الزمخشري ثم لم أزل كذلك أظن أن المواضع التي حذفت ثابتة عن الشيخ محيي الدين حتى قدم علينا الأخ العالم الشريف شمس الدين السيد محمد بن السيد أبي الطيب المدني المتوفى سنة 955 فذاكرته في ذلك فأخرج إلى نسخة من الفتوحات التي قابلها على النسخة التي عليها خط الشيخ محيي الدين نفسه بقونية فلم أر فيها شيئا مما توقفت فيه وحذفته فعلمت أن النسخ التي في مصر الآن كلها كتبت من النسخة التي دسوا على الشيخ فيها ما يخالف عقائد أهل السنة والجماعة كما وقع له ذلك في كتاب الفصوص وغيره إلى آخر ما قال ومن تأليفه أيضا كتاب الأحاديث القدسية ذكر فيه أنه لما وقف على الحديث المروي في فضائل الأربعين بمكة المكرمة سنة 599 جمعها بشرط أن تكون من المسندة إلى الله تعالى ثم اتبعها أربعين عن الله تعالى مرفوعة إليه غير مسندة إلى رسول الله ص ثم أردفها بأحد وعشرين حديثا فجاءت واحدا ومائة حديث إلهية وله من التأليف المنطوية على الأسرار واللطائف وفنون العلوم والمعارف ما تقف دون حصرها الأقلام ولا تفي من إحصائها بالمرام كما هو معلوم مشهور وفي الكتب التاريخية مدون مسطور وكان انتقاله رضي الله تعالى عنه من مرسية إلى إشبيلية سنة 568 فأقام بها إلى سنة 598 ثم ارتحل إلى المشرق حاجا ولم يعد بعدها إلى الأندلس وأجازه جماعة منهم الحافظ السلفي وابن عساكر وأبو الفرج بن الجوزي ودخل مصر وأقام بالحجاز مدة ودخل بغداد والموصل وبلاد الروم وقال المنذري ذكر أنه
(٥٥٥)