ولا أطعمتك يد جوعا شبعت فسر زياد بكلامها فقال لشاعر معه قيد هذا الكلام لا يدرس يعني أنظمه فقال سل الخير أهل الخير قدما ولا تسل * فتى ذاق طعم الخير منذ قريب ونظمنا نحن في هذا المعنى سل الخير أهل الخير إن كنت سائلا * ولا تسأل المعروف من محدث المال فإن اليد الجوعاء تبخل بالذي * أصابته من خير على الكاسف البالي فإن غلطت جادت وتمتن بالذي * تجود به يوما على الترب الحالي وإن اليد الشبعاء جادت بما تجد * على طيب نفس في سرور وإقبال في الحكمة ثواب الجود خلفة ومحبة ومكافأة وثواب البخل حرمان وإتلاف ومذمة وكتب حكيم إلى الإسكندر اعلم أن الأيام تأتي على كل شئ فتخلفه وتخلق آثاره وتميت الأفعال إلا ما رسخ في قلوب الناس فأودع قلوبهم محبة أبدية يبقى بها حسن ذكرك وكريم فعلك وشرف آثارك وفد علينا ونحن بإشبيلية شيخ شاعر يعرف بالسبيتي من قرطبة رحمه الله وكان صاحب الديوان عندنا زكريا بن سنان أديبا حاذقا فطنا ولم يكن للسبيتي موضع ينزل فيه فكتب إلى صاحب الديوان أتحفل بالفرزدق والكميت * وفي قيد الحياء شعر السبيتي يروعني بشعرهما أناس * وجهلا روعوا حيا بميت لئن أسكنتني بيتا رفيعا * لتسكن من ثنائي ألف بيت فوقع له صاحب الديوان بيتا نزل فيه واعتذر إليه ووصله بنفقة قيل لبزرجمهر عند ما قدم للقتل تكلم بكلام تذكر به فقال أي شئ أقول إن الكلام كثير ولكن إن أمكنك أن تكون حديثا حسنا فافعل ولنا إنما الناس حديث كلهم * فلتكن خير حديث يسمع (خاتمة الباب) وهو خاتمة الكتاب تعويذات مذكورة وأدعية مشهورة فمن ذلك ما يقال عند الكرب (لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات والأرض رب العرش الكريم ويقال عند دخول المسجد اللهم افتح لنا أبواب رحمتك) ويقال عند الخروج منه اللهم إنا نسألك من فضلك ويقال عند دخول الخلاء اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وقد روينا أيضا أنه يقال أعوذ بالله من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم ويقال عند الخروج من الخلاء غفرانك ويقال عند الجماع اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ويقال عند انقضاء الطعام الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا غير مكف ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا ويقال عند العطاس الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى ويقال عند النوم إذا أخذ الإنسان مضجعه اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة منك ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت سبحانك ربي لك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ويقال عند الاستيقاظ من النوم الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور وإذا أردت النوم فانو إن تلقى ربك ولتحب النوم لكون لقاء ربك فيه كما تحب الموت فإن فيه لقاء ربك فإنه من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه والله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت وبرسل الأخرى إلى أجل مسمى فالنوم موت أصغر والذي ينتقل إليه بعد الموت هو الذي ينتقل إليه في النوم الحضرة واحدة وهي البرزخ والصورة واحدة واليقظة مثل البعث يوم القيامة وإنما جعل الله النوم في الدنيا لأهلها وما نرى فيه من الرؤيا وجعل بعده اليقظة كل ذلك ضرب مثال للموت وما يشاهد فيه للرؤيا والبعث لليقظة
(٥٥١)