الكواكب ما لا يكون فيه أحد من أهل زمانه ثم سكت ساعة وقال إن كان صاحب هذه الرؤيا في هذه المدينة فهو ذاك الشاب الأندلسي الذي وصل إليها ثم قال في العنوان ما ملخصه أن الشيخ محيي الدين رحل إلى المشرق واستقرت به الدار وألف التأليف وفيها ما فيها إن قيض الله من يسامح ويتأول سهل المرام وإن كان ممن ينظر بالظاهر فالأمر صعب وقد نقد عليه أهل الديار المصرية وسعوا في إراقة دمه فخلصه الله تعالى على يد الشيخ أبي الحسن البجائي فإنه سعى في خلاصه وتأول كلامه ولما وصل إليه بعد خلاصه قال له الشيخ رحمه الله تعالى كيف يحبس من حل منه اللاهوت في الناسوت فقال له يا سيدي تلك شطحات في محل سكر ولا عتب على سكران انتهى وذكر الإمام سيدي عبد الله بن سعد اليافعي اليمني في الإرشاد أن المؤلف نفعنا الله به اجتمع مع الأستاذ السهروردي فأطرق كل منهما ساعة ثم افترقا من غير كلام فقيل للشيخ ابن عربي ما تقول في الشيخ السهروردي فقال مملوء سنة من فرقه إلى قدمه وقيل للسهروردي ما تقول في الشيخ محيي الدين فقال بحر الحقائق ثم قال اليافعي ما ملخصه أن بعض العارفين كان يقرأ عليه كلام الشيخ ويشرحه فلما حضرته الوفاة نهى عن مطالعته وقال إنكم لا تفهمون معاني كلام الشيخ ثم قال أي اليافعي وقد مدحه أي المؤلف وعظمه طائفة كالنجم الأصبهاني والتاج بن عطاء الله وغيرهما وتوقف فيه طائفة وطعن فيه آخرون وليس الطاعن بأعلم من الخضر ع إذ هو أحد شيوخه وله معه اجتماع كثير ثم قال وما نسب إلى المشايخ (أي كالمؤلف رضي الله تعالى عنه) له محامل الأول أنه لم تصح نسبته إليهم الثاني بعد الصحة يلتمس له تأويل موافق فإن لم يوجد له تأويل في الظاهر فله تأويل في الباطن لم نعلمه وإنما يعلمه العارفون الثالث أن يكون صدور ذلك منهم في حال السكر والغيبة والسكران سكرا مباحا غير مؤاخذ ولا مكلف انتهى ملخصا (والعدوة اسم للبر الذي يعدي من فرضته إلى الأندلس ويسمى أيضا بر العدوة وهو المغرب الأوسط والأقصى وبجاية بكسر الموحدة وفتح الجيم ثم ألف وياء مثناة تحتية وهاء قاعدة الغرب الأوسط) وكان المؤلف رضي الله تعالى عنه يقول ينبغي للعبد أن يستعمل همته في الحضور في مناماته بحيث يكون حاكما على خياله يصرفه بعقله نوما كما يحكم عليه يقظة فإذا حصل للعبد هذا الحضور وصار خلقا له وجد ثمرة ذلك في البرزخ وانتفع به جدا فليهتم العبد بتحصيل هذا القدر فإنه عظيم الفائدة بإذن الله تعالى وقال إن الشيطان ليقنع من الإنسان بأن ينقله من طاعة إلى طاعة ليفسخ عزمه بذلك وقال ينبغي للسالك أنه متى حضر له أن يعقد على أمر ويعاهد الله تعالى عليه أن يترك ذلك الأمر إلى أن يجئ وقته فإن يسر الله فعله فعله وإن لم ييسر الله فعله يكون مخلصا من نكث العهد ولا يكون متصفا بنقض الميثاق وحكى المقريزي في ترجمة سيدي عمر بن الفارض أفاض الله علينا من بركاته أن الشيخ محيي الدين بن العربي بعث إلى سيدي عمر في شرح التائية فقال كتابك المسمى بالفتوحات شرح لها وقال بعض من عرف به أنه لما صنف الفتوحات المكية كان يكتب كل يوم ثلاث كراريس حيث كان وحصلت له بدمشق دنيا كثيرة فما ادخر منها شيئا وقيل إن صاحب حمص رتب له كل يوم مائة درهم وابن الزكي كل يوم ثلاثين درهما فكان يتصدق بالجميع وأمر له ملك الروم مرة بدار تساوى مائة ألف درهم فلما نزلها وأقام بها مر به في بعض الأيام سائل فقال له شئ لله فقال مالي غير هذه الدار خذها لك فتسلمها السائل وصارت له واشتغل الناس بمصنفاته وله ببلاد اليمن والروم صيت عظيم هو من عجائب الزمان وكان يقول أعرف الكيمياء بطريق المنازلة لا بطريق الكسب وقد قال فيه الشيخ محمد بن سعد الكلشني أمولاي محيي الدين أنت الذي بدت * علومك في الآفاق كالغيث إذ همي كشفت معاني كل علم مكتم * وأوضحت بالتحقيق ما كان مبهما وقال رضي الله تعالى عنه إنه بلغني في مكة عن امرأة من أهل بغداد أنها تكلمت في بأمور عظيمة فقلت هذه قد جعلها الله سببا لخير وصل إلى فلأكافئنها وعقدت في نفسي أن أجعل جميع ما اعتمرت في رجب لها وعنها
(٥٦٠)