سمع بقرطبة من أبي القاسم بن بشكوال وجماعة سواه وطاف البلاد وسكن بلاد الروم مدة وجمع مجاميع في الطريقة (وقرطبة من أعظم مدائن الأندلس وهي مدينة حصينة بسور ضخم من الحجر ودورها ثلاثون ألف ذراع وبلغت عدة مساجدها وحماماتها ألفا وستمائة مسجد وتسعمائة حمام وبها سبعة أبواب كما في تقويم البلدان لأبي الفداء) وقال ابن الأبار أنه لقيه جماعة من العلماء والمتعبدين وأخذوا عنه وقال غيره إنه قدم بغداد سنة 608 وكان يومئ إليه بالفضل والمعرفة والغالب عليه طرق أهل الحقيقة وله قدم في الرياضة والمجاهدة وكلام على لسان أهل التصوف ووصفه غير واحد بالتقدم والمكانة من أهل هذا الشأن بالشام والحجاز وله أصحاب وأتباع ومن تأليفه مجموع ضمنه منامات رأى فيها النبي ص وما سمع منه ومنامات قد حدث بها عمن رآه ص وحكى سبط بن الجوزي عن الشيخ المؤلف أنه كان يقول إنه يحفظ الاسم الأعظم ويقول إنه يعرف السيمياء بطريق التنزل لا بطريق التكسب وقال ابن النجار في حقه وكان قد صحب الصوفية وأرباب القلوب وسلك طريق الفقراء وحج وجاور وكتب في علم القوم وفي أخبار مشايخ المغرب وزهادها وله أشعار حسنة وكلام مليح اجتمعت به في دمشق في رحلتي إليها وكتبت عنه شيئا من شعره ونعم الشيخ هو ذكر لي أنه دخل بغداد سنة 601 فأقام بها اثني عشر يوما ثم دخلها ثانيا حاجا مع الركب سنة 608 وأنشدني لنفسه أيا حائرا ما بين علم وشهوة * ليتصلا ما بين ضدين من وصل ومن لم يكن يستنشق الريح لم يكن * يرى الفضل للمسك الفتيق على الزبل وسألته عن مولده فقال ليلة الاثنين 17 رمضان سنة 560 بمرسية من بلاد الأندلس انتهى ومن شعره أيضا بين التذلل والتدلل نقطة * فيها يتيه العالم النحرير هي نقطة الأكوان إن جاوزتها * كنت الحكيم وعلمك الإكسير (وله) يا درة بيضاء لاهوتية * قد ركبت صدفا من الناسوت جهل البسيطة قدرها لشقائهم * وتنافسوا في الدر والياقوت (ومن نظمه) حقيقتي همت بها * وما رآها بصري ولو رآها لغدا * قتيل ذاك الحور فعند ما أبصرتها * صرت بحكم النظر فبت مسحورا بها * أهيم حتى السحر يا حذري من حذري * لو كان يغني حذري والله ما هيمني * الإجمال الخفر يا حسنها من ظبية * ترعى بذات الحمر إذا رنت أو عطفت * تسبى عقول البشر كأنما أنفاسها * أعراف مسك عطر كأنها شمس الضحى * في النور أو كالقمر إن سفرت أبرزها * نور صباح مسفر أو سدلت غيبها * ظلام ذاك الشعر يا قمرا تحت دجى * خذي فؤادي وذري عيني لكي أبصركم * إذ كان حظي نظري وقال الخولي قال الشيخ سيدي محيي الدين بن عربي رضي الله تعالى عنه رأيت بعض الفقهاء في النوم في رؤيا طويلة فسألني كيف حالك مع أهلك فأنشدته
(٥٥٦)