على تحت القوافي من معادنها * وما علي إذا لم تفهم البقر هذا الذي نعلم ونعتقد وندين الله تعالى به في حقه والله سبحانه وتعالى أعلم كتبه محمد الصديقي الملتجئ إلى حرم الله تعالى عفا الله عنه أهل قال وأما احتجاجه أي المنكر عليه بقول شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام شيخ مشايخ الشافعية حيث كان يطعن عليه ويقول هو زنديق فغير صحيح بل كذب وزور فقد روينا عن شيخ الإسلام صلاح الدين العلائي عن جماعة من المشايخ كلهم عن خادم الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه قال كنا في مجلس الدرس بين يدي الشيخ عز الدين بن عبد السلام فجاء في باب الردة ذكر لفظة الزنديق فقال بعضهم هل هي عربية أو عجمية فقال بعض الفضلاء إنما هي فارسية معربة أصلها زن دين أي على دين المرأة وهو الذي يضمر الكفر ويظهر الايمان فقال بعضهم مثل من فقال آخر إلى جانب الشيخ مثل ابن عربي بدمشق فلم ينطق الشيخ ولم يرد عليه قال الخادم وكنت صائما ذلك اليوم فاتفق أن الشيخ دعاني للإفطار معه فحضرت ووجدت منه إقبالا ولطفا فقلت له يا سيدي هل تعرف القطب الغوث الفرد في زماننا فقال مالك ولهذا كل فعرفت أنه يعرفه فتركت الأكل وقلت له لوجه الله تعالى عرفني به من هو فتبسم رحمه الله تعالى وقال الشيخ محيي الدين بن عربي فأطرقت ساكتا متحيرا فقال مالك فقلت يا سيدي قد حرت قال لم قلت أليس اليوم قال ذلك الرجل إلى جانبك ما قال في ابن عربي وأنت ساكت فقال أسكت ذلك مجلس الفقهاء هذا الذي روى لنا بالسند الصحيح عن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام وممن انتصر له أيضا الشيخ كمال الدين الزملكاني من أجل مشايخ الشام فإنه كان يقول ما أجهل هؤلاء ينكرون على الشيخ ابن عربي لأجل ألفاظ وكلمات وقعت في كتبه قد قصرت أفهامهم عن درك معانيها فليأتوني لأحل لهم مشكله وأبين لهم مقاصده بحيث يظهر لهم الحق ويزول عنهم الوهم وقد أذعن له القطب سعد الدين الحموي وشهد له بالفضل الوافر الذي تقصر عن الإحاطة به بطون الأوراق والدفاتر وذلك أنه سئل عنه حين رجع من الشام إلى بلاده كيف وجدت ابن عربي فقال وجدته بحرا زخارا لا ساحل له وألف الشيخ صلاح الدين الصفدي كتابا جليلا في تاريخ علماء العالم وترجم فيه المؤلف ترجمة عظيمة يعرف من اطلع عليها مذاهب أهل العلم الذين باب صدورهم مفتوح لقبول العلوم اللدنية والمواهب الربانية وكذلك الحافظ السيوطي ألف في شأنه كتابا سماه تنبيه الغبي على تنزيه ابن عربي وبالجملة فمقامه رضي الله تعالى عنه معلوم وفضله عند أرباب البصائر مفهوم والتعريف به يستدعي طولا وهو أظهر من نار على علم فلا تلتفت إلى من زلت به القدم فذم كيف لا وقد قال في شئ من الكتب المصنفة كالفصوص وغيره إنه صنفه بأمر من الحضرة الشريفة النبوية وأمره بإخراجه إلى الناس قال الشيخ محيي الدين الذهبي حافظ الشام ما أظن المحيي يتعمد الكذب أصلا وهو من أعظم المنكرين وأشدهم على طائفة الصوفية وقد كان مسكن المؤلف نفعنا الله به ومظهره بدمشق وأخرج هذه العلوم إليهم ولم ينكر عليه أحد شيئا منها وكان قاضي القضاة الشافعية في عصره شمس الدين أحمد الخولي يخدمه خدمة العبيد وقاضي القضاة المالكية زوجه بنته وترك القضاء بنظرة وقعت عليه منه وقد حكى رضي الله تعالى عنه عن نفسه في كتبه ما يبهر الألباب وكفى بذلك دليلا على ما منحه الله سبحانه الذي يفتح لمن شاء الباب وقال صاحب عنوان الدراية إن الشيخ محيي الدين كان يعرف بالأندلس بابن سراقة وهو فصيح اللسان بارع فهم الجنان قوي على الإيراد كلما طلب الزيادة يزاد رحل إلى العدوة ودخل بجاية في رمضان سنة 597 وبها لقي أبا عبد الله العربي وجماعة من الأفاضل ولما دخل بجاية في التاريخ المذكور قال رأيت ليلة أني نكحت نجوم السماء كلها فما بقي منها نجم إلا نكحته بلذة عظيمة روحانية ثم لما كملت نكاح النجوم أعطيت الحروف فنكحتها وعرضت رؤياي هذه على من عرضها على رجل عارف بالرؤيا بصير بها وقلت للذي عرضتها عليه لا تذكرني فلما ذكر له الرؤيا استعظمها وقال هذا هو البحر الذي لا يدرك قعره صاحب هذه الرؤيا يفتح له من العلوم العلوية وعلوم الأسرار وخواص
(٥٥٩)